مرضى السرطان بين الحياة والموت... ومكتب الوزير "على مهلو"

 

كتبت راجانا حمية في الأخبار:

عندما أطلقت وزارة الصحة نظام تتبع الأدوية، أرفقت هذا «الإنجاز» بتشكيل لجنة متخصصة للنظر في ملفات المرضى قبل إعطاء الموافقات. 

لكن، بعد وقتٍ من تطبيق النظام الجديد، تبيّن أن القرار النهائي بإعطاء الموافقات من عدمها لا يعتمد على قرار اللجنة، بل إن حياة المرضى باتت معلّقة على «مكتب الوزير»، حيث يتقرّر المصير النهائي للملفات. في «مكتب الوزير»، تجرى «التصفية النهائية» للملفات وتُعطى الموافقات بما يتناسب مع كمية الأدوية المتوافرة، ولكن لا أحد يدري من يضع المعايير هناك، ومن يضمن أن لا استنسابية ومحسوبيات وتجارة في كل هذه العملية؟لم تعد الاصابة بالسرطان وحدها ما يثير قلق المصاب، مع اجتماع أسبابٍ أخرى باتت هي الأولى في حساباته. فإلى الخوف من المرض، هناك فقدان الأدوية الذي أثّر في دورة العلاجات، والخوف من نظام تتبعٍ الأدوية «Meditrack» الذي جعل المرضى رهينة ما يقرّره مصرف لبنان من أموال وما تقرّره وزارة الصحة من لوائح دعمٍ، وما توافق عليه لجنة الأطباء التي أوكلت دراسة ملفات المرضى لاختيار «العدد الذي يتناسب مع كمية العلاجات الموجودة»، وأخيراً قرار «مكتب الوزير» بالموافقة على ما توافق عليه اللجنة! وعليه، فإن «نجاح» المريض في اللجنة وحصوله على موافقتها لا يعني أن العلاج صار «في الجيبة»، إذ مع وصول الملف إلى «مكتب الوزير» للتسجيل، ثمة احتمالان، إما الحصول على الدواء أو لا... «يعني المريض وحظّو»، بحسب مصادر في الوزارة. فيما لا ينفك الوزير فراس أبيض، في لقاءاته الإعلامية، عن التأكيد بهدوء تام وثقة عالية أن «90% من مرضى السرطان يحصلون على أدويتهم»، وهو «إنجاز» لم يستطع أحد من المرضى أو الأطباء المعالجين «ابتلاعه» مع تزايد أعداد المرضى المتخلّفين عن علاجاتهم.

درب الجلجلة

ما إن بدأ تحويل ملفات المرضى إلى اللجنة المعنية بالأمراض السرطانية التي شكّلتها الوزارة، مع بدء تطبيق نظام تتبّع الأدوية، حتى انقلبت الأمور رأساً على عقب. كان الهدف من اللجنة «تقييم» الملفات وإعادة النظر في البروتوكولات الطبية المعمول بها بعدما دبّت فيها الفوضى. وقد حدّدت آلية عمل تبدأ بتحويل الطبيب المعالج ملف مريضه إلى شبكة «أمان»، ومن هناك يسلك الملف طريقه إلى اللجنة التي تعكف على درسه لناحية البروتوكول المتبع وحالة المريض، وتصدر قرارها النهائي بالموافقة أو الرفض.

في الحالة الأولى، تُعطى الموافقات على ملفات مرضى السرطان لستة أشهر وموافقات مرضى الأعصاب، مثلاً، تعطى لسنة كاملة، وغيرها من الملفات. المعضلة الأولى أن الملفات تتأخر في اللجنة قبل أن يخرج الدخان الأبيض أو الأسود، ويبرّر عضو في اللجنة ذلك بـ«زحمة» الملفات من جهة، والحاجة إلى درس بعضها من جهة أخرى، ما ينعكس تأخيراً على علاجات المرضى، وخصوصاً علاجات السرطان المبرمجة وفق مواعيد محددة لا يمكن تخطّيها. ورغم أن المصاب بالسرطان تحديداً لا يفهم بـ«الإجراءات البيروقراطية» ولا بزحمة الملفات، لأن الأمر بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت، إلا أن هذه الهواجس لا صدى لها في الطبقة الرابعة من مبنى الوزارة، حيث مكتب الوزير الذي يعود إليه الحسم. فعندما تنتهي اللجنة من درس الملفات، ترسل تلك الموافق عليها إلى مكتب الوزير لتسجيلها وإعطاء الـ«Approval» النهائي.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...