تحويلات المغتربين "جرعة أوكسجين" لاقتصاد ينهار!


 كتبت نوال أبو حيدر في "السياسة": 

كلّ من يتابع أزمة لبنان الاقتصادية والانهيار المالي المستمرّ، يتساءل عن سرّ قدرة الشعب اللّبناني على التأقلم مع غلاء الأسعار بعد انهيار القدرة الشرائية للرواتب والأجور ومع دوام فرض القيود المصرفية على سحوبات الودائع بالعملة الصعبة.

كما تشهد تحويلات المغتربين في الخارج إلى لبنان ارتفاعات بحيث تسجّل أرقامًا متزايدة ونسبًا متصاعدة، لتتحوّل إلى طوق نجاة للاقتصاد الهش الذي أنهكته الاضطرابات وتداعياتها على البلد.فهل تساهم أموال المغتربين اللّبنانيين في تحريك عجلة الاقتصاد اللّبناني؟ في حديثٍ خاص لـ "السياسة"، كشف الخبير الاقتصادي أنيس أبو دياب أنّ " تحويلات المغتربين تتراوح بين الـ 6.5 مليار دولار والـ 6.7 مليار دولار، وذروتها كانت في العام 2017 ووصلت إلى حوالي 7.2 مليار، وهذا فعليًا يعتبر محرّكًا أساسيًا للاقتصاد الوطني لأنّه يشكّل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ تقريبًا 22 مليار دولار، وبالتالي، لولا هذه التحويلات، كانت ربما أبعاد هذا الانهيار الاقتصادي أوسع".

وانطلاقًا من كلّ تلك المعطيات، أوضح الخبير الاقتصادي، أنّه "من غير المنطقي اعتماد الاقتصاد اللّبناني فقط على أموال المغتربين. ولكن هذا هو واقع الحال، فمنذ تشكيل الكيان اللّبناني لعب الاغتراب دورًا كبيرًا في الاقتصاد الوطني".

وقال: "أموال المغتربين جزء من الأموال التي تحرّك الاقتصاد وتلعب دورًا في الاستهلاك".

وعن غياب الثقة بالاقتصاد اللّبناني وعدم الاستقرار وعن ما إذا كان ذلك يؤدي لخفض نسب التحاويل، فاستبعد أبو دياب هذا الأمر، "لأنّ تحويلات المغتربين ليست استثمارات مباشرة أجنبية لكي تتوقّف مع غياب الثقة بالاقتصاد، ومنذ العام 2019 حتّى اليوم شهد لبنان الكثير من الأزمات ورغم ذلك بقيت أموال المغتربين العصب الأساس للاقتصاد الوطني".

وأضاف: "كون هذه الأموال ليست استثمارات، وهي تأتي على شكل دفعات شهرية للأهل والأقارب للإعانة على الإعالة والاستهلاك المحلي أكثر منها للاستثمارات، فمتوسط الدفعات الشهرية تتراوح بين الـ 200$ والـ 700$".

ومما لا شك فيه، أنّ استثمار الأموال المحولة من الخارج يتطلب تأمين ظروف مناسبة وعوامل مساعدة.

ومن الواضح بحسب أبو دياب، أنّه "كان من الممكن الاستفادة أكثر من هذه الأموال لو أنّ الاقتصاد الوطني يعمل بطريقة أفضل وأوسع".

وعلى الرغم من ذلك، لا يستبعد أبو دياب استعادة القطاع المصرفي للثقة بعد الدمج وسينعكس ذلك إيجابًا. لأنّ هناك الكثير من الأسر التي تعتمد على الإنفاق من ما تؤمنه من أموال المغتربين، لكن لهؤلاء المغتربين أموالهم في الخارج التي يمكنهم تحويلها إلى مصارف لبنان. 

وفي الملقب الآخر، لفت أبو دياب إلى أنّه "من الممكن للقطاع المصرفي في حال استعاد الثقة فيه ونشاطه من جديد أن يستخدم هذه الأموال كرافعة للائتمان، مما يؤدي إلى زيادة في القاعدة النقدية من الموجودات الخارجية لأموال المغتربين. 

باختصار، من الواضح أنّ أموال المغتربين لعبت دورًا مهمًا خلال العامين الأخيرين، فهي من الأموال القليلة التي تمكنت من الصمود في مواجهة الأزمات والتّحدّيات في البلاد، فكانت العمود الفقري للاقتصاد اللّبناني.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...