ماذا لو أصدر البيطار قراره الظني؟

 

تكاد الأزمة القضائية الراهنة أن تكون الأولى من نوعها على مستوى السلطة الثالثة، وربما هي كذلك. فتداعياتها لن تقتصر فقط على ما رافق اطلاق المحتجزين الـ١٧ من احتجاجات وصدامات وتدخلات سياسية ونيابية، الى جانب محاولات التوظيف والاستثمار من أجل إحياء شوارع متقابلة ومتضادة.

والأخطر من كل ذلك أن قضية قضائية، أو يُفترض أن تكون كذلك، أضحت موضع انقسام وطني غير مسبوق، نتيجة كل التوظيف والاستثمار الحاصل، فيما الحقيقة المطلوبة بإلحاح لمعرفة حيثيات انفجار المرفأ أو تفجيره صارت في مهبّ الخلافات، وربما ستحلق بسابقاتها من تلك القضايا التي لا تزال الى اليوم لغزا وطيّ الإهمال أو الإجهاض.

أما القضاء نفسه فيظهر عاجزا عن تصحيح المسار أو الصورة المشوّهة التي ظهر عليها، فيما هو الجهة الصالحة الوحيدة على عملية التصحيح. لكن عجزه ذلك، فتح المجال أمام التدخلات السياسية، وإلا ما معنى التظاهرة النيابية التي صمّت آذان العدلية أمس، وظهّرت الشرخ وفاقمت الخلاف، وأظهرت نواب الأمة مجرّد استعراضيين، بعضهم يبحث عن توظيف واستغلال وشعبوية فاضحة، حتى لو استجرّ صداما من نوع الصفعات وكيل الشتائم، فقط لزوم الإثارة التلفزيونية.

الثابت الوحيد راهنا في كل هذه المأساة أن القضاء نفسه أوصل حاله واللبنانيين الى ما شاهدوه وشهدوا عليه في الساعات الأربع والعشرين الفائتة، من غير تلمّس بارقة صغيرة لإمكان تحييد الحقيقة في ما جرى في المرفأ. ما مصير القاضي العدلي طارق البيطار؟ كيف سيتصرّف حيالالإجرءات التي اتخذها في حقه النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات؟ ما مصير الاستدعاءات والإدعاءات التي أصدرها بعد الفتوى التي أعاد بها الى نفسه صلاحية استئناف عمله؟ والأهم من كلّ ذلك، أين القرار الظني؟ ماذا لو قرّر إصداره بما استجمع من معطيات على مدى عمله على القضية؟ كيف سيتصرّف عويدات لو حصل هذا الأمر؟ وما سيكون الموقف فيما لو تكشفت عن القرار الظني المُعلّق أسرار التفجير وأسماء مرتكبيه أو المسببين به؟

تختصر هذه الأسئلة مساحات رمادية عكرة، هامت فيها الحقيقة وتعقّدت السبل إليها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...