جلسةٌ صاخبة "للقضاء الأعلى"..

 

بضعة أمتارٍ تفصلُ بين مكتب كلٍّ من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود في قصر عدلِ بيروت والوزير هنري خوري في وزارة العدل. لكنَّ تلك المسافات القليلة ما بين المَبنَيَنن لم تنجَح باعادة مدِّ جسور التواصل التي تقطّعت بين الرَّجُلَين نتيجة تحقيقات المرفأ.

فيوم الثلاثاء الماضي اجتمع مجلسُ القضاء بدعوةٍ من وزير العدل ووسط مقاطعةِ رئيسِه للبتِّ بتعيين القاضية سمرندا نصار كقاضٍ رديفٍ للقاضي طارق البيطار وبتشيكلات رؤساء غُرف التمييز بعدما رفض رئيس المجلس لمرّتين سابقَتين طرحَ إسمِ نصّار على التصويت.ما كان لافتاً يومها هو تدوين البيان الختامي للجلسة في مكتب نائب الرئيس القاضي غسان عويدات الذي ترأس الإجتماع وليس في أمانة سرّ المجلس كما جرَت العادة. يقول أحد القضاة الذين شاركوا في الجلسة أن أبواب أمانة السر أُقفلت مع إنهاء رئيس المجلس لأعمالِه ما أثار حفيظةَ المجتمعين الذين رأوا في ذلك اختصاراً لمجلس القضاء بشخص رئيسه.

لكن بأي حال لم يخرُج ذاك الإجتماع بأي نتيجة مفيدة أو محرّكة لتحقيقات المرفأ وإنما برسائل في ثلاث اتجاهات. الأولى باتجاه عبود مفادُها أن دعوة وزير العدل لانعقاد المجلس قانونية والثانية باتجاه وزير العدل بأن رئيس مجلس القضاء لا يخضعُ لقرارات السلطة التنفيذيّة أما الرسالة الثالثة فكانت من أعضاء المجلس إلى جميع المعنيّين بأن "القضاء الأعلى" مؤسّسة قائمة بحدِّ ذاتها ولا تلتئمُ وفقاً للتجاذبات السياسية وبأن دوره هو إدارة شؤون القضاة وليس فقط البت بالتعيينات، بدليلِ ما حرِص المجتمعون على إدراجه في بيانِ المجلس حول "الموافقة على إعلان أهليّة ٣٤ قاضياً متدرِّجاًً.

بالنتيجة كلٌّ أوصَلَ رسالته على طريقتهِ لكنّ المجلس لم يُقدِم في النهاية على التصويت في غياب رئيسِه تحت ستارِ فقدان النصاب بعد انسحاب عويدات المتنحّي عن قضيّة المرفأ ولو أن الآراء القانونية تتضارب حول كيفية احتساب النّصاب بحيث تشير إحداها أن نصابَ التصويت كان لا يزال متوافراً بوجود أربعة أعضاء. وبالنتيجة أيضاً أبقى مجلسُ القضاء إجتماعه مفتوحاً للبت بطلب وزير العدل وعيّن جلسةً يوم الثلاثاء الذي يلي.حلَّ ثاني ثلاثاء ولم تكُن الأجواء التي سبقت انعقاد المجلِس توحي بأنّ عبود سيحضُر كونه لم يدعُ إلى الجلسَة ولم يَضَع جدولَ أعمالِها لكنَّ المفاجأة كانت بترؤسِه الجلسة. حولَ حضور عبود تعلِّق مصادرُ قضائية بالقول أن رئيس المجلس قد قال كلمَته عندما قاطعَ الجلسة السابقَة بسبب التدخُّل السياسي في عمَل القضاء فكان الاستثناء في مقاطعة جلسةٍ لمجلس القضاء أمّا الحضور فهو الشيء الطبيعي.

لكنّ التئام المجلس بكامل أعضائه السبعة لا يعني أنه توصّل لأي حلحلة في موضوع المرفأ لا بل على العكس. فالمعلومات تشير إلى أنّ الجلسة كانت صاخبة وقد شهدت نقاشاً حادّاً بين عبود من جهة والقضاة الأربعة المؤيّدين لتعيين القاضية سمرندا نصار أي حبيب مزهر وميراي حداد وداني شبلي والياس ريشا من جهّة أخرى، فلم تصمُد لأكثر من نصفِ ساعة وانتهت ب "لا قرار".


السببُ الأساسي للخلاف أن الأعضاء الأربعة كانوا مصرّين على السّير بجدولِ الأعمال الأخير الذي وضعه وزير العدل والذي لم يُنجَز فيما عبود أراد وضع جدولَ أعمالٍ جديدٍ ووسط الخلافات لم يُصَر إلى إعتماد أي جدول أعمال ولا إلى إقرار أي بندٍ.


خلال الجلسة اتّهم عبود من قبل أحد القضاة بتنفيذ أجندات سياسيّة وسؤل رئيس المجلس عن سبب استقباله في مكتبه لحوالى السّاعة إعلاميَّين استقصائيَين متخصّصَين في ملف المرفأ. هنا كان القضاةُ يغمزون من قناة "التحامُل" على المدير العام للجمارك بدري ضاهر لاسيما وأن الإعلاميين معروفَين بموقفهما السلبي ضدَّ ضاهر. في هذا الإطار أجابت مصادر مطلعة على أجواء عبود بالقول بأن رئيس مجلس القضاء يستقبلُ كلَّ النّاس لكنّه لا يسمحُ لأحدٍ بالتدخل بملف المرفأ. لتعود وتسأل مصادر أخرى لما استغرق الإجتماعُ كل هذا الوقت؟إذاً مرّةً جديدةً انتهى اجتماعُ مجلس القضاء بلا قرار وبلا اتفاق فيما لا يزالُ وزير العدل ينتظرُ ردّاً سلبيّاً أم إيجابياً على اقتراحِ إسمِ نصّار. في هذا الوقت وفيما برزت بارقةُ أملٍ عبر تعيين القاضي جان مارك عويس بَدَل القاضي ناجي عيد المتنحّي، للبتّ بأحد طلبات رد القاضي طارق البيطار، تسأل مصادر قضائية هل من القانوني أن يُعيّن عويس للنظر بطلب رد البيطار طالما أن زوجتَه القاضية رندا خوري قد أبدت رأياً مسبقاً في الملف عندما ردّت طلبات نقل دعوى المرفأ من أمام المحقق العدلي للارتياب المشروع وقبلت طلب رد القاضي غسان خوري المقدّم من مكتب الادّعاء في نقابة المحامين؟

كلّها وقائع وأسئلةٌ تؤكد أن ملف المرفأ لم يدخُل فقط في زواريب المناكفات السياسيّة وإنّما أيضاً في صلب النزاع القضائي_القضائي فيما كان من المفترض أن يكون الجسم القضائي موحّداً في مواجهة كلّ العراقيل.

LebanonOn لارا الهاشم - خاص موقع 

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...