بين أحمد الحريري وفؤاد السنيورة… إبحثوا عن بهية!


 ما ينطبق على الرئيس سعد الحريري، حتماً لا ينطبق على سائر أفراد العائلة، الحريري ورغم غيابه عن الساحة السياسية، إلاّ أنه لا يزال الزعيم السنّي الوحيد، ولديه آلاف المناصرين الذين ينتظرون عودته أمّا باقي أفراد العائلة أي آل الحريري، فهم ليسوا أكثر من "تابعين" للحريري الرئيس، وقبله والده الشهيد رفيق الحريري.

عندما يغيب "القائد" أو "الرئيس" لأي سببٍ كان، تكبر طموحات "المقرّبين منه" وتصبح الخلافات في ما بينهم غاية في السهولة، وهذا ما حصل على مستوى قيادات تيّار "المستقبل" والذي ظهر للعلن في عدة مناسبات، وليس آخرها ما شهدته منصّة "تويتر" بين الثلاثي أحمد الحريري وفؤاد السنيورة ومصطفى علوش، وفي الخلاف بين أحمد وفؤاد، لا بدّ من البحث عن دور النائب السابق بهية الحريري.يسعى كلّ من فؤاد السنيورة وبهية الحريري، للإستيلاء على بعض النواب الذين كانوا سابقاً في تيّار "المستقبل"، وهذا أمرٌ لن تدحضه بيانات ولا تغريدات، لأنه حقيقة ساطعة يراها كلّ من يطّلع على ما يدور في الكواليس السياسية، ولعلّ أكثر ما يقلق راحة نائبة صيدا السابقة ويثير ريبتها ويضعف موقعها السياسي ومونتها على بعض النواب، هو التجاهل السعودي لها، عكس الرئيس السنيورة الذي يحظى بالإهتمام الكبير من المملكة.

كي نضع الأمور في نصابها، لا خلافاً شخصياً بين أحمد الحريري وفؤاد السنيورة، الخلاف هو بين الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة حول قراءة المرحلة، وهو خلافٌ ليس بجديد، لكن آخر تجلياته هي قراءة ما بعد انكفاء الرئيس الحريري عن الحياة السياسية، بين وجهة نظر الحريري التي تقول بمقاطعة الإنتخابات النيابية وعدم المشاركة فيها بأيّ شكلٍ من الأشكال، وقناعة الرئيس فؤاد السنيورة، بأنه لا يجوز للطائفة السنية أن تكون خارج المعادلة أو أن تنتهج خطّ المقاطعة.

إنفجر الخلاف عند تشكيل السنيورة لائحةً في بيروت، إضافة إلى دعمه لائحة مصطفى علوش في طرابلس وبعض اللوائح في البقاع، كما لأنه لعب دوراً في تخفيف حدّة المقاطعة السنّية في الإنتخابات النيابية، بالإتفاق مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بالتنسيق مع الجانب السعودي.
تيّار "المستقبل"، كان يريد مقاطعةً سنّيةً شاملةً، تعطي تأثيراً في الإنتخابات بغياب الرئيس الحريري، والسنيورة غرّد وحيداً في هذا الموضوع، وطلب أن تكون مشاركة في الإنتخابات ترشيحاً واقتراعاً.

قيادة تيّار "المستقبل"، تعتبر أن السنيورة هُزم ولم يحقّق شيئاً، بينما السنيورة يعتبر أنه حقّق نصف انتصارٍ لحصول المشاركة السنّية في الإنتخابات، كما أنه يعتبر أن هذه المشاركة السنّية، أوصلت النواب التغييريين إلى المجلس النيابي، والذين هم على خلاف مع "حزب الله" أو أنهم من الممكن أن يواجهوا مشروع محور الممانعة.

ولهذا الخلاف جذورٌ أبرزها كان حول التسوية الرئاسية حيث أن السنيورة كان ضد التسوية وضد انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية بأصوات نواب "المستقبل"، في الوقت الذي كان الرئيس الحريري مع انتخاب الرئيس عون وكان هناك خلاف بقراءة المرحلة بين الرجلين، لذلك ابتعد الرئيس السنيورة عن "المستقبل" بالمعنى التنظيمي ثم بالمعنى النيابي عندما لم يترشّح للإنتخابات عام 2018، ومن ثم توالت الإستحقاقات.

لكن اللافت أنه رغم كلّ هذه الخلافات، لا يمكن لأحد الإعتبار أن الحريرية السياسية قد انتهت. هي كلمةٌ كبيرةٌ ووصفٌ مجازيٌ لإرث الشهيد رفيق الحريري الموجود والحقيقي، وهذا الإرث يشبه إرث كمال جنبلاط وبشير الجميّل وكميل شمعون وفؤاد شهاب، أي أنه إرث سياسي وشعبي لإحدى كبار الشخصيات التي طبعت تاريخ لبنان بشكلٍ أو بآخر.

الحريرية السياسية لم تنتهِ، بل لا تزال الأقوى سنياً على الساحة اللبنانية، ولها القبول الأكبر سواء في الطائفة السنية أو لدى الطوائف الأخرى، لأنها سياسة عنوانها الإعتدال في لبنان وكان يمثّلها الرئيس رفيق الحريري واستكملت مع الرئيس سعد الحريري. اليوم، ومع أي عودة للرئيس سعد الحريري أو أي إطلاق لمشروع سياسي جديد سيكون هناك التفاف كبير حوله، بدليل أن الإنتخابات النيابية التي حصلت لم تفرز قيادةً أو زعامةً سنّيةً وازنة، وهنا تكمن قوة سعد الحريري.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...