لا يخفى تأثير الحدث الروسي على الداخل اللبناني، بدليل الاهتمام الاستثنائي لمختلف المسؤولين بما يحصل، والمتابعة اللصيقة للتطورات غير المحسوبة.
ولا مبالغة في القول إن هذا الحدث طغى حتى على الهم الرئاسي وجعله يتراجع نسبيا الى المرتبة الثانية.
ولا يخفي حزب الله هذا الواقع وهو الذي يدرك تمام الادراك مدى الترابط بين أي اهتزاز روسي داخلي وبين المساحات التي لموسكو تأثير مباشر فيها، وخصوصا في سوريا وإيران اللتين تعنيان الحزب مصلحيا واستراتيجيا.وتُرتقب آليات تصرّف القيادة الروسية حيال اللعب في حديقة موسكو الخلفية والردّ الذي ستتخذه داخليا وخارجيا، في حال ثبت وجود تدخّل غربي جعل الجيش الرديف، فاغنر، وقائده يفغيني بريغوجين يخرجان عن طوع الرئيس فلاديمير بوتين.وبيّنت المعطيات المتوافرة أن لفاغنر حضورا مؤثرا في الميدان السوري عبر ٢٥٠٠ عنصر يتوزّعون في مناطق نفوذ النظام، وسبق أن شاركوا في عمليات عسكرية وأمنية.
ولا بد أن القيادة الروسية ستعيد النظر في هذا الحضور بعد عمليات الدمج التي تحصل تباعا للجيش الرديف في هيكلية الجيش الروسي، مما يعني حكما أن ثمة فراغا سيتركه سحب هذه العناصر في حال قرر بوتين اعادة انتشار جذرية، وهو ما يتوقعه ديبلوماسيون غربيون. واستطرادا، من غير المستبعد أن يبادر الحرس الثوري وحزب الله الى تعبئة أي فراغ سيحصل، أو على الأقل العمل على سدّ جزء منه، بما يعني تغيّرا أو تحديثا في الاستراتيجية الإيرانية حيال الأزمة في سوريا.هذا الأمر في حال حصل، يقاربه مسؤولون لبنانيون بحذر وترقّب. وسيعملون حكما على تلمّس مدى انعكاساته لبنانيا، وإمكان أن تُظهر قيادة حزب الله مزيدا من التشدّد سينسحب حتما على المسار الرئاسي المستعصي على أي حل.
وسبق لوفد الحزب الذي التقى الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أن عدّد أمامه مجموعة مما سمّاه هواجس دفعت الحزب الى مزيد من التمسّك بمرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. ولا ريب أن الحدث الروسي زاد تلك الهواجس واحدا، تماما كما زاد الريبة لديه، والتي ستنعكس تشددا في مقاربة التعقيد الرئاسي.