غياب الحريري عن المسرح أدى إلى تضعضع الصوت السنّي وتمدّد حزب الله


   كتب سعد الياس في القدس العربي:

 بقيت نتائج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الثانية عشرة التي لم تنتج رئيساً محور متابعة وتحليلات، وينظر البعض إلى التوازن السلبي الذي تحقق بين المرشحَين المتنافسَين سليمان فرنجية وجهاد أزعور على أنه خفّف التشنج السياسي والاحتقان الذي سبق الجلسة، معتبراً أن أزعور لو نال 65 صوتاً في الدورة الأولى لكنا دخلنا في أزمة وطنية وفي تفسيرات واجتهادات قانونية من قبل فريق المعارضة بأن أزعور بات رئيساً ولا لزوم لدورة ثانية، في حين كان فريق الممانعة سيشكّك بشرعية هذا الرئيس ويلجأ إلى افتعال توترات وإشكالات تؤدي إلى فوضى.

وهذا ما عبّر عنه صراحة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال إن «لبنان نجا من محاولة افتعال أزمة على خلفية التصويت الرئاسي، فخصوم فرنجية كانوا واثقين من حصول أزعور على 67 صوتاً على الأقل وكانوا يخططون لافتعال مشكل من خلال البقاء في قاعة المجلس واعتبارهم أنه نجح في هذه الانتخابات وهو ما كان يمكن أن يذهب بالبلاد إلى مكان خطير جداً».

وفي قراءة لنتائج التصويت التي جاءت أرقامها 59 صوتاً لمدير دائرة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور و51 لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وتوزيعها الطائفي يتبيّن ما يلي: نال فرنجية أغلبية إسلامية من دون دروز مقابل أقلية مسيحية موزعة كالآتي: 27 صوتاً شيعياً من 27 و 10 أصوات سنّة من 27 و4 أصوات موارنة من أصل 34 و 4 أصوات أرمن من 6، وصوتان علويان، صوت أورثوذكسي من 14، صوت كاثوليكي من 8 ولا أي صوت درزي ويبقى 3 أصوات مجهولة مع ترجيح أن تكون مسيحية كما نال أزعور 44 أغلبية مسيحية وأصوات وازنة إسلامية من دون شيعة موزعة كالآتي: 28 صوتاً مارونياً، 7 أصوات روم أورثوذكس، 7 أصوات كاثوليك، صوتان أرمنيان، 8 أصوات درزية، 7 أصوات سنّة، ولا صوت شيعيا.

وتُظهِر هذه القراءة أن النواب السنّة الـ 27 تشتتت أصواتهم بين فرنجية وأزعور من جهة في وقت بقي 8 أصوات سنّة خارج الاصطفافات وعلى الحياد بحيث امتنع 7 نواب سنّة عن التصويت واختاروا عبارة «لبنان الجديد» منتظرين كلمة سر خارجية وتحديداً سعودية.والنواب السنة الذين اقترعوا لفرنجية هم: فيصل كرامي، حسن مراد، كريم كبارة، حهاد الصمد، عدنان طرابلسي، طه ناجي، ملحم الحجيري، ينال الصلح، قاسم هاشم ومحمد يحيى.

والنواب السنّة الذي صوّتوا لأزعور هم: أشرف ريفي، فؤاد مخزومي، بلال الحشيمي، وضاح الصادق، ابراهيم منيمنة، بلال عبدالله، وياسين ياسين.

أما النواب الذين اقترعوا بشعار «لبنان الجديد» وهم أقرب عاطفياً إلى خيار فرنجية فهم: وليد البعريني، أحمد الخير، ومحمد سليمان، أما من اقترعوا لـ«لبنان الجديد» وهم أقرب إلى أزعور: عبد العزيز الصمد، نبيل بدر وعماد الحوت.

وبالنسبة إلى النواب السنّة الذين اختاروا زياد بارود والابتعاد عن المرشحَين المتنافسين فهم: نائبا صيدا اسامة سعد وعبد الرحمن البزري والنائبة التغييرية حليمة قعقور. فيما انفرد نائب طرابلس إيهاب مطر بالتصويت لقائد الجيش العماد جوزف عون.

ويُظهِر توزّع هذه الأصوات السنية مدى تأثير غياب زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري عن المسرح السياسي بعد تعليق عمله في السياسة، ما أدى إلى تضعضع الصوت السني وعدم تكوينه «بلوك» فاعلا ومؤثرا كما في انتخابات رئاسية سابقة أو في محطات انتخابية أخرى بينها الاستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، حيث كان الحريري يمون بالحد الأدنى على أغلبية سنية تتراوح بين 19 و23 نائباً مقابل عدد من النواب السنّة المحسوبين على فريق 8 آذار.

أما اليوم فقد خسر المكوّن السنّي فاعليته ودوره ولو أن نواب «تكتل الاعتدال الوطني» يسعون مع نواب «اللقاء النيابي المستقل» إلى لعب دور «بيضة القبّان» المرجحة لخيار هذا المرشح أو ذاك في اللحظة الإقليمية المؤاتية. فالزعامة السنية غير موجودة، والمرجعية التي شكّلها رؤساء الحكومات السابقون غابت مع توقف اجتماعات الرؤساء سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، وتبيّن بعد تجربة الانتخابات النيابية الأخيرة وبعد تجربة الجلسات الانتخابية الـ 12 أن لا قيامة للصوت السنّي إلا بعودة الحريري الذي لعب دوراً أساسياً في تسويتين أوصلتا رئيسين للجمهورية: الأول قائد الجيش العماد سليمان والثاني مؤسس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون.

أما غياب سعد الحريري فسمح للثنائي الشيعي بالتمدد أكثر فأكثر على الساحة السنية من خلال استقطاب 10 نواب سنّة وتحييد 9 تحت عنوان عدم الدخول في الاصطفافات وهو موقف يرى فريق المعارضة أنه يخدم محور الممانعة، فيما بقي حوالي 3 نواب سنّة في صلب الفريق السيادي مثل ريفي ومخزومي والشحيمي بعدما تمّ إبطال نيابة رامي فنج في طرابلس لمصلحة فيصل كرامي، ونواب آخرين «يتجرّعون السمّ» كلما تقاطعوا مع قوى المعارضة كما حصل بتقاطعهم حول أزعور وهذه كانت حال كل من ابراهيم منيمنة وياسين ياسين.

غير أن البعض لا ينظر بكثير من السلبية إلى ما وصلت إليه هذه الحالة السنية بل يعتقد أن عدم وجود «بلوك» سني أدى إلى فض اشتباك وجنّب البلد اصطفافاً حاداً بين ثنائية شيعية مؤيدة لفرنجية وثلاثية مارونية مؤيدة لأزعور وحمى اتفاق الطائف في ظل الارتياب المسيحي من محاولة فرض رئيس عليهم وتهميش دورهم والبدء بالتفكير بإعادة النظر بالتركيبة اللبنانية والنظام السياسي في حال نجح حزب الله في فرض إرادته ومشيئته على سائر اللبنانيين.

المصدر : القدس العربي

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...