45 مليون ليرة كلفة الحدّ الأدنى للعيش في لبنان: كلّ الزيادات غير كافية!

 

كتبت نوال أبو حيدر في "السياسة":

دفعت الأزمات المتراكمة والمتداخلة في لبنان الكثير من الأسر إلى النضال من أجل البقاء، وممّا لا شَكَّ فيه أَنَّ الأسرة اللّبنانية تواجه في أَيّامنا هذه تحديّات سياسية واقتصاديّة وضغوطًا اجتماعيّة، لتأمين الحدّ الأدنى من متطلبات الحياة، فمع انهيار سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار وما ينتج عنه من ارتفاع للأسعار، أصبحت كلفة المعيشة بملايين اللّيرات. فدائرة الفقر تتوسّع و70 بالمئة من العائلات اللّبنانية باتت تحتاج مساعدة للاستمرار، الكثير الكثير من المتطلبات والكماليات شُطبت من قاموس كُثر حتّى باتت المعيشة تقتصر على الأساسيات الملحّة.

كيف تستمر الأسر وسط الغلاء الفاحش؟ ومن أين تأتي بالأموال لتؤمّن حاجاتها؟

في حديث لـ "السياسة"، يؤكّد الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، أنّ الأسرة اللّبنانية المؤلفة من 4 أفراد، تحتاج إلى نحو 45 مليون ليرة شهريًا كحدّ أدنى للعيش ولتوفير معيشة متقشّفة في ضوء ارتفاع الأسعار وتآكل القدرة الشرائية لغالبية الشعب اللّبناني.

وفي التفاصيل، يرى شمس الدين أنّ "الكلفة الأكبر تذهب إلى السلّة الغذائية التي تسجل ما بين 18 مليونًا  و20 مليون ليرة شهريًا، تليها تكلفة السكن والإيجار، فالأسرة الّتي لا تملك منزلًا  تبقى مرغمة على الإيجار، الّتي تتراوح كلفته من 100$ إلى 500$".

 هنا يشير شمس الدين إلى أنّ "وضع رب الأسرة يكون مريحًا في حال كان مالكًا للمنزل الذي يقطن فيه".

وفي ظلّ هذا المشهد السوداوي والغلاء الفاحش، يؤكّد شمس الدين أنّ "كلفة المعيشة حكمًا سترتفع في المقبل من الأيّام مع ارتفاع الدولار الجمركي وارتفاع الأسعار، حيث أنّ أكثر من 70 بالمئة من اللّبنانيين لا يتعدى دخلهم الكلفة المذكورة، وعليه فإنّ 70 بالمئة من اللّبنانيين بحاجة إلى مساعدة لمواجهة أعباء الحياة".

ولا يستبعد شمس الدين أنّه وفي خضم الواقع الحالي: ثمة أسر كثيرة تخلّت عن الكماليات، كما جرى بيع الكثير من الممتلكات كالذهب، فيما يعتمد جزء من الأسر على "حوالات" الخارج، إذ ثمة حوالي مليون لبناني يتلقى تحويلات من الخارج بالدولار من أقارب له، والمبلغ يكون بالحدّ الأدنى 200$ وصولًا إلى 2000$، فأموال المغتربين اللّبنانيين تكون المحرّك الأساسي بنسبة 80%، ومن دون هذه التحويلات يكون الوضع مأسويًا جدًا".

ولا يخفي شمس الدين أنّ " اللّبناني اليوم، يستطيع تأمين الغذاء والسكن والتعليم، ولكن تبقى الكارثة الأكبر في تأمين الخدمات الصحية والطبية، لأنّ في حال تعرض المواطن لأزمة صحية فإن الفارق بين تعرفة الضمان وتعرفة المستشفى يصل إلى أكثر من 100 مليون ليرة".

وأمام كل تلك الوقائع، قد يكون من الصعب أو المستحيل على العائلة توفير أدنى مستلزمات العيش، في ظلّ معدل رواتب غير كافٍ، كما أنّ المبادرات في هذا الصدد قد تكون "خجولة"، لذا فأوضاع المواطنين مزرية، لكن ليس باليد حيلة، فالمشكلة الكبرى ليست بالوضع الحالي لكن فيما ينتظرنا في المستقبل، إذ حينها هل  سيكون بإمكان اللبنانيين الاستمرار في تأمين كلفة معيشتهم؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...