«الساحر» يُخرج «أرنباً» من صندوقة الـ128 فتغدو 127!


 صدقَ حَدس «حزب الله» عندما تَنبّأ مساء أمس بمفاجآت في جلسة 14 حزيران. فالمفاجآت التي أحاطت بالجلسة الرئاسية تَخطّت المتوقّع من حيث المضمون ومن حيث الشكل أيضاً، إذ لم تتوقع «الجموع» بلوغ المرشح سليمان فرنجية عتبة الخمسين صوتاً، كما لم تتوقع عدم قدرة المرشح جهاد ازعور على تخطّي عتبة الـ60 صوتاً. هذا من حيث المضمون والارقام، أمّا من حيث الشكل فلم تشهد الجلسة الرئاسية الصباحية حماوة أو نزاعاً بين الكتل المتباعدة والمتخاصمة والمتمردة، كما كان متوقعاً بل على العكس كانت الاحاديث الجانبية والمودة والضحكات الرنّانة هي الجامِع بين غالبية النواب، خصوصاً بين الافرقاء المتخاصمين فيما وَثّقت الكاميرات والوسائل الاعلامية كما الاقلام المواكبة للجلسة بالصوت والصورة لقطات معبّرة تؤكد انّ الكلام العالي النبرة والتهديد بعظائم الامور في الخارج مَحاهُ غزل الداخل.

بَدأ تَمَوضع النواب كعادتهم كُلّ في ركنه المعتاد، فيما حضر بعض الوزراء لعلمهم ان الجلسة سوف تشهد حضوراً ديبلوماسياً وازِناً وهذا ما لم يحصل، إذ لم يحضر الجلسة الرئاسية أي من السفراء حسبما تم التداول به قبل ايام قليلة على انعقاد الجلسة الرئاسية، الامر الذي شكّل ايضاً مفاجأة بالنسبة الى الاعلاميين ولبعض الوزراء الذين اعتبروا انّ حضور السفراء الجلسة له دلالة معنوية ورمزية، إذ سوف يشهدون، في ما لو حَضروا، جلسة انتخابية ويوَثّقون مرورها بصورة ديموقراطية! فيما لفت البعض الى انّ حضور السفراء قد تحمل وجوهاً كثيرة ومنها احتمال انتخاب رئيس فعلي للجمهورية اللبنانية، الأمر الذي لم يحصل إذ لم يحضر السفراء ولم يُنتخب الرئيس.مشاهدات

 

تبدأ المشاهدات والمفاجآت داخل الجلسة من الصفوف الامامية حيث جلس رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل وسط النائبين «المتمرّدين» ابراهيم كنعان وسيمون ابي رميا، فيما لم ينقطع الحديث الودّي بينهم على امتداد الجلسة، خصوصاً بين باسيل وكنعان اللذين تبادلا الوَشوشات والضحكات طوال الجلسة، فخلص البعض من إن الاجراءات التي تحدثَ عنها باسيل مساء الجلسة الانتخابية، والتي ستتخذ في حق المتمردين اذا خالفوا قرار التيار بالتصويت لأزعور قد سقطت!

 

في وقتٍ أكد نواب التيار بعد الجلسة انهم التزموا جميعاً بالتصويت لأزعور، فيما امتنع نائب رئيس المجلس الياس ابو صعب عن الافصاح عن اسم مرشحه في وقت رَجّحَت مصادر متابعة لكواليس الجلسة الرئاسية أن تصويت الياس بو صعب واذا لم يكن كالعادة للمرشح زياد بارود، فهو قد يكون صَوّت للمرشح سليمان فرنجية الامر الذي يفسّر، بحسب هؤلاء، عدم تبادل السلام بين باسيل وبوصعب أثناء دخول الاخير الى القاعة، ما أثارَ استغراب نواب التيار وحفيظة البعض وتَبَادل التعليقات بين باسيل وندى البستاني!بالعودة الى المفاجآت داخل الجلسة، فقد شوهِد باسيل يستدير من مقعده الامامي ويومِئ ضاحكاً الى النائب طوني فرنجية الذي رَدّ له الضحكة بالمِثل، وأومَأ اليه بيديه ودار حديث بَدا طريفاً بين النائبين من مقعديهما وشوهِدا يضحكان معاً ويؤشران الى النائب من كتلة التيار الجالس قرب النائب طوني فرنجية.

 

وكذلك، رُصِد حديث بَدا ودياً بين باسيل وجورج عدوان اللذين تبادلا الضحك امام اعين النواب التغييريين الذين انشغلَ معظمهم بهواتفهم الخلوية وبإرسال أخبار عاجلة «واتسابيّة» طوال انعقاد الجلسة لم يحدد مصدرها، فيما لم يَتخلّ النائب وضاح الصادق طوال الجلسة عن هاتفه ولم يجلس على كرسيه بل بقيَ واقفاً حائراً مُنشغِلاً طوال انعقاد الجلسة بإرسال الرسائل وبالاجابة على هاتفه حتى خلال اعلان اسمه للنزول للاقتراع. فيما رَصدت عيون الصحافيين تبادل السلامات الحارة بين النائب نعمت افرام وباسيل وافرام وابي رميا وابراهيم كنعان. ومن المشاهدات المفاجئة ايضاً تبادل احاديث ودية وضحك بين نواب «حزب الله» والمرشح ميشال معوض، وتحديداً بين النائب علي فياض ومعوض، فيما بَدا النائبان وضاح الصادق وميشال ضاهر في محادثات جانبية مع النائب عبد الرحمن البزري لإقناعه ربما بتغيير رأيه والتصويت مع كتلته لأزعور، علماً ان كتلته تضم ثلاثة نواب هم نواب صيدا وجزين المستقلين اسامة سعد عبدالرحمن البزري وشربل مسعد وقد صوتوا لزياد بارود بالإضافة الى ٣ نواب تغييرين صوتوا ايضاً لبارود هم حليمة قعقور الياس جرادي وسينتيا زرازير.ومن المفاجآت أيضاً تصويت كتلة الأرمن التي ضَمّت ثلاثة نواب اغوب بقرادونيان وهاكوب ترزيان وجان طالوزيان بالاضافة الى النائب جورج بوشيكيان لفرنجية، الأمر الذي رَفع نسبة التصويت المسيحي لمصلحته.

 

مسك الختام

 

اما المفاجأة الاخيرة التي شكلت اللغز ومسك الختام فكانت تعداد اصوات النواب الحاضرين أي 128 نائبا الذين أسقطوا 128 مغلفاً أبيض في صندوقة الاقتراع الزجاجية بحيث تحوّلت بسحر ساحر الى 127! والمستغرب ان ممثلي كافة الكتل واكبوا وشهدوا على عملية فرز الاصوات التي وثّقت باليد الـ 128 مغلفاً ابيض، إلا انها سجلت على الورق 127 مقترعاً! توزّعت أصواتهم كالآتي: 59 لجهاد ازعور، 51 لسليمان فرنجية، 8 اصوات «لبنان الجديد»، 6 لزياد بارود، 1 لجوزف عون، ورقة بيضاء واخرى لجهاد العرب اعتبرها الرئيس نبيه بري ملغاة، فيما بقيت الورقة المفقودة الرقم الملغوم الذي لم يستطع احد من النواب تفسير لغز اختفائه، فمنهم مَن افتَرضَ سقوط مغلف ابيض من دون اسم عن سابق تصور وتصميم داخل الصندوقة لتضليل الجميع، ومنهم من اعتبر انّ الاسم لم يسقط سهواً، ومنهم من اعتبرها ورقة بيضاء غفل بري عن تعدادها، ومنهم من اعتبر انّ ساحراً أخرج أرنباً من الصندوقة السحرية فغدت 127!إلا ان الرئيس بري أفتاها «ما بتحرز وما بتغيّر النتيجة»! وغادر القاعة غير آبه بالأصوات المعترضة والمطالبة بإعادة الفرز.

 

الخطباء والمنابر

 

اما بعد انتهاء الجلسة فكان للنواب تعليقات مختلفة، منها جدية ومنها طريفة، إذ استفاضَ البعض شعراً وآخرون استفاضوا بطولة وانتصارا وتأكيد المؤكد. أما المضحك المبكي فكان تأكيد الجميع على ضرورة الحوار «المفقود».

 

وحده النائب الياس بوصعب اندفعَ امام الكاميرات ليصرّح بأنه سينضَم فوراً الى الاجتماع الطارئ الذي يعقده باسيل في احدى قاعات مجلس النواب مع اعضاء كتلته لبنان القوي، وكأن أبو صعب أراد بذلك دَحض الاقاويل التي تحدثت عن خلاف بينهما... اما عن موعد انعقاد الجلسة المقبلة فقال النائب ملحم خلف لـ«الجمهورية»: «اسألوا ليلى عبد اللطيف».

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...