العلاقات التجارية بين لبنان والخليج على سكة الحل... والكرة في ملعب القوى السياسية

 

كتبت نوال برو في "السياسة":

منذ العام 2019 والأوضاع الإقتصادية تزداد سوءًا في لبنان، ومعها ترتفع معدلات الفقر والبطالة إلا أن ما زاد الطين بلة هو صدور قرار من مجلس التعاون الخليجي بمنع استيراد المنتجات اللبنانية في العام 2021، بعدما تفاقمت العلاقات بين لبنان والخليج جاء هذا القرار كالصاعقة على أصحاب القطاعات الانتاجية الذين كانوا يعتمدون على التصدير إلى دول الخليج ولاسيما السعودية ليجنوا الأرباح. وهكذا تراجعت أرباحهم بنسبة كبيرة، ما أجبر بعض المصانع الى الهجرة وبعض المزارعين إلى البحث عن بدائل تخفف من حجم مصيبتهم.

وعلى هامش القمة العربية، أجرى وزراء الصناعة والزراعة والاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال النائب جورج بوشكيان وعباس الحاج حسن وأمين سلام لقاءات مثمرة في جدة، خرجوا منها والوزراء السعوديين بتفاؤل غير مسبوق، من قبل الجانبين وهكذا حملوا بشرى إلى اللبنانيين بأنّ العلاقات التجارية بين ودول الخليج على سكة الحل.

إلا أن رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية ايلي رزق أكد أن "عودة التصدير من جديد إلى دول الخليج وخاصة السعودية تعتمد على الطرف اللبناني أي على القوى السياسية اللبنانية وقدرتها على توحيد موقفها تجاه علاقات لبنان مع دول الخليج" وفي حديث مع موقع "السياسة"، أوضح رزق أن "المنطقة اليوم تعيش أجواء من المصالحات، فالسعودية تتجه إلى صفر مشاكل مع ايران وسوريا واليمن والعراق، وهكذا فإن الوفاق والسلام يعمّان في المنطقة"، سائلا "أين لبنان من كل هذا؟".

وعلى الرغم من أن هذا الملف وضع على السكة الصحيحة، بحسب تصريحات لبنانية وسعودية، رأى رزق أن "الرسالة كانت واضحة، "وهي أن ليس لدى المملكة مشكلة مع لبنان، لكن المشكلة هي بيد الجانب اللبناني" لذلك، أكد رزق أن "الكرة في ملعب القوى السياسية" داعيا إياها الى أن تتخذ خطوات تثبت للخليج أن لبنان لن يُستخدم كساحة أو منبر إعلامي للتهجم على السعودية، أو معبرًا لتهريب المخدرات، أو ممرًا لتصدير المقاتلين والإرهابيين لزعزعة أمن دول مجلس التعاون الخليجي."

ورأى رزق أن "لا شك أن لبنان سيحقق من التصدير إلى الخليج ولا سيما السعودية التي كانت تعتبر وجهته التجارية الأساسية سابقًا، أرباحًا طائلة "والمؤكد أن ملايين الدولارات تذهب من درب لبنان في ظل امتناع الخليج عن استيراد منتجاته. والمشكلة لا تقتصر على منع تصدير المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية فحسب، لأنه لا يجب أن ننسى أن هكذا قرار ترافق مع قرار حظر مجيء السواح السعوديين إلى لبنان"، بحسب رزق ولإلقاء نظرة أدق على الموضوع، شرح رزق أنه "قبل أزمة العلاقات هذه، كان الـ 500 ألف سائح سعودي ينفقون في لبنان أكثر من مليونين سائح عراقي أو سوري أو أردني، لأن معدل الإنفاق لدى السائح السعودي كان يتخطى الـ 10,000 $، بينما السائح السوري أو العراقي لا يتخطى معدل إنفاقه الـ 2000$" .

لذلك، شدد رزق على أن "عودة السياح السعوديين وعودة التصدير سينعكسان بشكل ايجابي جدًا على الاقتصاد اللبناني".

وبالحديث عن أكثر المستفيدين من قرار رفع الحظر عن استيراد المنتجات اللبنانيين، يمكن التأكيد أن الصناعيين هم من ستتغير أوضاعهم بالدرجة الأولى فبحسب رزق، إن "الزراعيين استطاعوا ايجاد حل بديل. ولسخرية القدر، لم تمنع المنتجات السورية من الدخول إلى السعودية، فالحظر انحصر بالمنتجات اللبنانية" وشرح رزق، أن "المزارعين اللبنانيين وجدوا وسيلة لإدخال منتجاتهم إلى أسواق سوريا ودول أخرى، ومنها إلى السعودية" مؤكدًا أن "هذه الطريقة أكثر كلفة وتعود إلى المزارعين بربح أقل ولكن بالطبع يبقى هناك نسبة من المزارعين الذين لم تسمح لهم الأوضاع الصعبة اتباع هذا الأسلوب."

"بالإضافة إلى القطاعات السياحية والزراعية والصناعية، سيستفيد من رفع الحظر تجار الذهب، لأننا سنصدر حينها المجوهرات أيضًا"، وفق رزق.

وفي ختام حديثه، أمل رزق أن "يحل مجلس النواب والحكومة هذه المسألة بأسرع وقت"، معتبرا أن "المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحزب داعيا إياه أن يضع  مصالح اللبنانيين فوق مصالح الجميع، لأن أمام مصالح القوى الكبرى، يصبح لبنان تفصيلا بسيطا"، بحسب قوله.

إذا، يتوجب على اللبنانيين أن يستفيدوا من موجة التوافقات الدولية، لأن ترميم العلاقات مع دول الخليج لن يعود إليهم إلا بالمنفعة والربح. ولعل الجو الاقليمي المستجد يساعد لبنان على فهم أهمية تفضيل مصالحه، ليتمكن من إنقاذ الاقتصاد اللبناني .

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...