الجيش وربط القرى الحدودية: ما خلفيات الخطوة؟

 

فيما تُقفل الطبقة السياسية كل الطرق المؤدية الى انتخاب رئيس للجمهورية بفعل تعنتها وشروطها المُسَبَّقة، يفتح الجيش الطرق أمام المواطنين في القرى والبلدات الحدودية في محاولة لفتح آفاق جديدة لاهالي تلك القرى وتسهيل عملهم اليومي والذي يعتمد في غالبيته على الزراعة.

ليس سهلا على المؤسسة العسكرية ضبط الحدود الشمالية والشمالية الشرقية مع سورية، فهذا الامر يحتاج الى قرار سياسي كبير وتعاون بين السلطتين اللبنانية والسورية، وهو ما كانت ترفضه الحكومات المتعاقبة على خلفية الاحداث التي اندلعت في العام 2011 وما تبعها من مواقف رافضة لأي تعامل مع النظام السوري، الا أن القيادة العسكرية ذهبت الى الحلول المُنتجة البعيدة من المزايدات الشعبوية التي يطلقها البعض، فعملت على مساعدة اهالي تلك القرى عبر فتح "نوافذ أمل" لهم تمثلت بالطرقات التي تربطها ببعضها لتسهيل عمل المزارعين والمساهمة في ضبط الحركة على الحدود.

الاسبوع الماضي حضر قائد الجيش جوزاف عون الى عكار، للاطلاع على المراكز الحدودية وسير عملها اضافة الى افتتاح طرقات: "برج الدبابية وسيدة القلعة وخربة الرمان وبرج شدرا وحنيدر وكفرنون"، وهي قرى تطل على النهر الكبير الشمالي الفاصل بين لبنان وسورية، وتُعتبر مهمة استراتيجيا نظرا لتلاصقها بالقرى السورية المقابلة، وهي بحدودها المفتوحة تحتاج الى مراقبة دقيقة على مدار الساعة منعا لأي تسلل أهمية تلك الطرقات التي قام الجيش بفتحها وتعبيدها تكمن بإبقاء المزارعين في أراضيهم من جهة، وتساعد الجيش على تفعيل المراقبة على طول الخط الذي يُطل على الشريط الحدودي كما يساهم تواجد المزارعين واهالي المنطقة والتنسيق مع فوج الحدود البري في ضبط التهريب.صحيح أن الحدود الشمالية في عكار مفتوحة وتحديدا في المنطقة الممتدة من وادي خالد في أقصى الشمال مرورا بأكروم والرويمة وصولا الى الهرمل في محافظة البقاع، ولكن الجيش وبالتنسيق مع البريطانيين فعَّل أجهزة المراقبة هناك واستحدث نقاط عدة مشرفة على طول الحدود مع سورية للحد من التهريب، وقد لمس المواطنون في الاشهر الماضية مفاعيل العين الامنية على طول الخط، وعكست شكاوى المهربين من تفعيل آلية المراقبة والتضييق عليهم هذا الواقع الذي شدد عليه قائد الجيش في كلمته هناك حين توجه الى العسكريين بالقول: "حدودنا باتت مضبوطة بفضل تضحياتكم واستمراركم في تنفيذ المهمات المطلوبة.. قبل إنشاء هذا الفوج، كانت الحدود متفلّتة يجتازها الإرهابيون ومهرّبو الأسلحة والمخدرات بسهولة، ولو استمر الأمر على هذه الحالة لما بقي لبنان".يأتي اصرار قائد الجيش على أهمية ضبط الحدود انطلاقا من المسؤولية الكبيرة التي تُلقى على عاتق المؤسسة العسكرية خصوصا وأن الارادة السياسية غائبة في هذه المسألة، ويُعَول الجيش على احتضان الاهالي للعناصر والتعاون الى اقصى الحدود معهم من أجل ضمان أمن الحدود والقرى المحيطة بها.

في ايلول الماضي حط قائد الجيش في رأس بعلبك وافتتح ايضا شبكة طرقات في جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع، حيث تربط هذه الطرقات المراكز العسكرية في ما بينها، وبين البلدتين ما يسهل وصول المواطنين إلى أراضيهم.يومها كان خطاب العماد عون واضحا لا لبس فيه حين وصف بعض الذين يتهجمون على المؤسسة بالموتورين، وكان الرد على هؤلاء بالمزيد من المساعدات للعناصر والافواج وتزخيم معنوياتهم في مواجهة الحرب الدائمة التي يشنها بعض الداخل على المؤسسة وقيادتها، لحسابات رئاسية بعيدة عنها اليرزة التي تتطلع الى حاجات عناصرها وكيفية تأمينها في هذا الظرف.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...