العد العكسي بدأ... "متحوّرات" الفراغ تهدد بإصابة حاكمية مصرف لبنان

 

جاء في "الراي الكويتية":

أقحمت الدولة اللبنانية نفسها ومعها القطاع المالي في مرحلة نقدية حرجة، جراء إشاعة التباساتٍ قانونية وإجرائية مبكّرة ترتبط بقرب انتهاء الولاية القانونية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والعالق بدوره في شِباك قضائية محلية وأوروبية لا تقل تأثيراً في تكوين كرة شكوك قابلة للتدحرج وتصنيع أزمة مضافة على الإرباكات الحادة المسيطرة أساساً على مجمل الأسواق والخطوط المالية والنقدية في البلاد.

ومع بدء العد التنازلي لآخِر ثلاثة أشهر من ثلاثين عاماً أمضاها سلامة على رأس البنك المركزي عبر خمس ولايات متتالية، بدا التهيّب من الفراغ في الموقع ومسؤولياته طاغياً على مراكز القرار لدى مرجعيات السلطة وعلى المشهد العام، باعتبار ان صيغة «الاستمرار بتسيير شؤون المرفق العام» لا تسري على تعيينات الفئة الأولى في هيئات السلطة النقدية، والمناطة حصراً بمجلس الوزراء.

ومن الثابت، وفق مسؤول معني، أن الإشكالية القائمة ومضاعفاتها المحتملة لا تستند الى ذرائع قانونية بحت، إنما هي تعكس حلقة جديدة من مسلسل التداعيات الناجمة عن احتدام شدّ الحبال بخلفيته السياسية في مشهدية إعادة تكوين سلطات الدولة بدءاً من لوحة البحث عن «رئيس جديد» للجمهورية، وليس انتهاء بتأليف حكومة جديدة مكتملة الصلاحيات والمسؤوليات.

فوفق منطوق قانون النقد والتسليف، ولا سيما المادة 25، يرِد النص صريح بأنه «بحال شغور منصب الحاكم، يتولى نائب الحاكم الاول مهام الحاكم ريثما يُعيّن حاكم جديد». ومن الواضح، بحسب المسؤول المعني، ان المعالجة القانونية المسبقة تكفل تغطية «الشغور» الناجم عن أسباب طارئة حدّدها القانون عينه في المادة 19، حيث يرِد «فيما عدا حالة الاستقالة الاختيارية، لا يمكن إقالة الحاكم من وظيفته إلا لعجز صحي مثبت بحسب الأصول أو لإخلال بواجبات وظيفته في ما عناه الفصل الاول من الباب الثالث من قانون العقوبات، أو لمخالفة احكام الباب 20 (التفرغ والمحظورات) أو لخطأ فادح في تسيير الأعمال».

لكن ما ابتكره السياسيون من إشكاليات، وفق المسؤول عينه، يكمن أولاً في البُعد الطائفي، باعتبار ان المسؤولية ستنتقل قانوناً من «ماروني» إلى «شيعي»، وهو ما تَحَسَّبَ لحساسيته مسبقاً رئيس مجلس النواب نبيه بري بإشهار مواقف عملية تحول دون السير بهذا المسار. ومن غير المتوقع نقل المسؤوليات الى النائب الثاني في حال امتناع الأول عن قبولها.

أما المكمن الثاني، فيمثل بطبيعته عائقاً شكليا ًومزدوجاً يمكن أن يعوق تعيين حاكم جديد في ظل الفراغ الرئاسي، وإن كان لا يبتعد كثيراً عن البُعد الطائفي. فثمة اجتهادات متناقضة في شأن صلاحية حكومة مستقيلة تتولى التعيين في مراكز الفئة الأولى ضمن مهام «تصريف الاعمال». وبالمثل تبرز اعتراضات مسبقة على استكمال قانونية التعيين في حال الإقدام عليه، وعبر الارتكاز الى النص القانوني أيضاً، والذي يقضي بأن يقسم الحاكم ونوابه «بين يدي رئيس الجمهورية على أن يقوموا بوظائفهم باخلاص ودقة محترمين القانون والشرف».

المصدر : الراي الكويتية

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...