ايجابيات نصرالله تجاه التيار.. هل تعيد خلط الأوراق؟

 

حملت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجموعة رسائل رئاسية الى المسيحيين تحديدا، سعى من خلالها إلى إعادة ترطيب العلاقة معهم، والتي تأذّت، تحديدا مع التيار الوطني الحر، نتيجة مقاربة الحزب الرئاسية والتي انطوت على كثير من التعالي.

ما أثار المسيحيين، قوى سياسية وروحية ومجتمعا، طريقة طرح مرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية فمن بادر الى الترشيح كان رئيس مجلس النواب (رئيس حركة أمل) نبيه بري ليتبعه السيد نصر الله بتبنٍّ معلّل للترشيح لم يجد من يلتقطه مسيحيا ذلك أن آلية التعاطي هذه جعلت المسيحيين ينفرون وزادت الأمر تأزما تصريحات التحدي التي ساقها مسؤولون في الحزب، وصولا الى التخيير بين فرنجية والفراغ، أو فرنجية وإلا النفي والسجن (استعادة للتراجيديا المسيحية نهاية التسعينات).

أنتج هذا القدر العالي من التحدّي ردة فعل مسيحية روحية وسياسية (قد تكون غير مسبوقة منذ حين لجهة اتساعها لتشمل مختلف التلاوين)، وأدت تلقائيا الى استجماع أوراق القوة عند كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، والى فتح حوار كان مقفلا حتى الأمس. وأصبح الإصطفاف شبه ناجز، ما أدّى في مرحلة أولى الى منع انتخاب فرنجية، وهو ما خالف توقّع الثنائي الشيعي والإدارة الرئاسية الفرنسية بانتخابه بيسر وسهولة.

ويظهر أن الحزب تيقّن من حقيقة أن عبارات التصلب والتحدي والاستفزاز أنتجت عكس المتوخى منها، فعاد تدريجيا الى خطاب أقل حدّة نوعا ما، بلغ ذروته مع كلام نصر الله والذي أراد منه خفض التوتر مع القوى المسيحية. فسعى الى محاكاتها بالكلام عن رفض تمديد ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو تعيين حكومة تصريف الأعمال بديلا له، كما بالتقنين في الحديث عن فرنجية المرشّح، إلى جانب تذكير الرئيس نجيب ميقاتي بضيق صلاحيات حكومته، الأمر الذي لم يلتزم به الحزب سابقا بل ذهب حدّ تغطية اجتماعات الحكومة.لا ريب أن هذه الرسائل المسيحية الهادئة تستهدف أولا وآخرا التيار الوطني الحر بعد التشظي والتفسّخ الذي أصاب العلاقة مع الحزب.

يتضّح من الدينامية المستعادة نسبيا في اليومين الأخيرين أن ثمة عروضا رئاسية تصل إلى التيار من مختلف الجهات، ممانعة ومواجهة، في مسعى الى استمالته الى أحد الخيارين المطروحين راهنا، فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون. لكن قيادة التيار لا تزال تتمسك بفكرة المرشح التوافقي القادر على الجمع والاصلاح ومنع أي صدام داخلي في الوقت عينه. وهي تعتبر أن هذا الحل التوافقي هو الأسلم للبنان، والقادر دون غيره على إدخاله في مسيرة التعافي المالي والإقتصادي. أما الخياران الآخران، فأولهما سيزيد الحصار والتداعي، وثانيهما قد يؤدي الى اصطدام لا تحمد عقباه.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...