باسيل يريد المستزلمين… لا العونيين

 

متكئاً على زعامة عمه الرئيس السابق ميشال عون، حطّ رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، في منطقة جزين معلناً رفضه لكل شيء. هذه الزيارة ما كانت لتنجح لولا وجود "الجنرال" الذي رغم كل ما مرّ به عهده من أزمات ونكبات، لا يزال حاضراً رغم التراجع على الساحة المسيحية.

إستغل باسيل وجود الجنرال ليُحذّر الجميع في "الوطني الحر" من التمرد عليه، وكان صريحاً حين قال "ما حدا أكبر من التيار ويلّي بيعتقد نفسه أكبر، يفلّ منه لنشوف حجمه". اللافت أن كلام باسيل ينطبق عليه، فهو الوحيد الذي يتحكّم بسياسة التيّار وقراراته ونظامه دون شراكة أحد، يُقصي من يشاء ويُعزز من يشاء، وفي لعبة الأحجام، فإن باسيل هو أكثر من يحتاج التيّار ليبقى نائباً عن منطقة البترون.لم يكن منتظراً من باسيل أكثر ممّا قاله، لكنه حسم مسألةً غاية في الأهمية وهي أنه لن يكون في الجبهة الرئاسية المعارضة ل"حزب الله". 

نعم لن ينتخب سليمان فرنجية، لكن في الوقت نفسه لن يدعم أي مرشّح تتفق عليه القوى الأخرى. وكان سمير جعجع على حق حين قال عن باسيل إنه لا يزال كما هو حليف الحزب الأول.

هذا ليس تحليلاً لخطاب باسيل بل حقيقة ما صرّح به حين أكد رفضه للتحالف الثلاثي بين التيّار و"القوات اللبنانية" والكتائب، ليتوّج باسيل نفسه تائهاً على الساحة الرئاسية، فلا يريد التسوية ولا يريد الإتفاق مع القوى المارونية ولا يريد خوض غمار جلسات الإنتخاب بمرشّح يتبنّاه التيّار البرتقالي.

لكن ما فات باسيل أن قطار التسوية حين ينطلق، يجرف كل ما يقف بوجهه، وقد أخطأ جبران حين استحضر ما حصل عام 1988 عندما رفض الجنرال عون التسوية وقد دفع ثمن خياره النفي في باريس لأكثر من 15 عاماً. نعم استطاع الجنرال العودة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005، لكن لأن عون كان زعيماً كبيراً يؤيده معظم المسيحيين.

لذلك لا تجوز مقارنة العام 1988 بالعام 2023، كما أن ميشال عون ليس كجبران باسيل، وسيكون من الصعب على رئيس التيّار الوقوف بوجه أي تسوية دولية - إقليمية ترخي بظلالها على لبنان. وإلاّ فإن التيّار سيدفع الثمن باهظاً بالخروج من اللعبة السياسية، ومن يعلم قد تكون طريق العودة مقفلة.

بعد خطاب جزين، لم يعد أمام باسيل سوى الرهان على حليفه "حزب الله"، أن يتخلى عن دعم فرنجية، وأن يقتنع الحزب بالذهاب إلى خيار الرئيس التوافقي الذي يحلم باسيل بالمشاركة في صناعته وتسميته. غير ذلك فإن باسيل ليس بمقدوره عرقلة التسوية القادمة ولا مواجهة الفوضى المحتملة.

أخيراً، إذا كان جبران يعمل بسواعد عمه الجنرال على ترويض"العونيين" داخل التيّار، فلا بدّ من استحضار ما قاله أحدهم، "سنبقى في التيّار كما كنا قبل وجود باسيل وبعد رحيله، ولن نستزلم".
"ليبانون ديبايت" - محمد المدني

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...