الرواتب أصبحت بالدولار.. هكذا يُساهم القطاع الخاص بإنعاش الاقتصاد اللبناني

 

لطالما شكّل القطاع الخاص ركيزة أساسية في الاقتصاد اللبناني، وساهم في تأمين الأموال لخزينة الدولة وهو كغيره من القطاعات عانى الكثير مع بدء الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بلبنان منذ تشرين 2019 حيث أقفلت العديد من المؤسسات الخاصة أبوابها وصرفت موظفين وعانت من احتجاز أموالها في المصارف ومن ازمة السيولة ، إلا ان هذا القطاع نهض مُجدداً في الفترة الأخيرة وعاد يُساهم نسبياً في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي، فكيف استطاع الاستمرار على الرغم من كل الأزمات وما دوره في إعادة إطلاق الحركة الاقتصادية؟ 

 يُشير خبير المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد الدكتور محمد فحيلي إلى ان "القطاع الخاص أثبت قدرته على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية والصمود على الرغم من كل الصعاب وساهم بإطلاق عجلة إعادة تكوين الذات حتى من دون الإصلاحات الضرورية المتوجبة والمتوقعة من الدولة".  

 
تداعيات إيجابية على الاقتصاد
ويوضح فحيلي في حديث لـ "لبنان 24" انه "خلال سنوات ما قبل اندلاع الأزمة المالية استفاد القطاع الخاص ماليا سواء المؤسسات او الأفراد من دعم الدولار على سعر بـ 1500 ليرة، كما استفاد من التسليفات المدعومة عبر مصرف لبنان ومن امتيازات واعفاءات واستثناءات ضريبية."ويضيف: "خلال سنوات الأزمة أي 2020 و2021 و2022 استفاد أيضا القطاع الخاص من دولار الـ 1500 ليرة ومن دفع ديونه على هذا السعر، واستطاع التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية والحصول على إيرادات بالدولار "الفريش".  
 
ولفت فحيلي إلى انه "تحديدا عام 2021 استفاد القطاع الخاص بشكل كبير من دعم الاستيراد الذي استفاد منه التجار أكثر من المواطن اللبناني".  
 
وشدد فحيلي على انه "يجب التوقف بإمعان عند قدرة القطاع الخاص على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية"، مؤكدا ان "هذا القطاع كان لديه تداعيات إيجابية على الاقتصاد بشكل عام الأمر الذي أدخلنا حاليا في مرحلة من الاستقرار النقدي والاقتصادي".
 
وتابع: "استطاع العديد من أصحاب المؤسسات إضافة إلى دولرة الإيرادات، إيجاد إيرادات خارج لبنان بالدولار الفريش وهم خففوا من مصاريفهم التشغيلية، وعلى سبيل المثال ، من خلال إقفال فروع وصرف موظفين وركزوا اهتمامهم على الإنتاجية".  
 
وأكد فحيلي ان "العديد من المؤسسات الخاصة استفاد من الدولار المدعوم عبر منصة صيرفة وجنى أرباحا بمليارات الدولارات ". وشدد أيضا على ان "الاغتراب ساهم كثيرا بصمود المواطن اللبناني خلال الأزمة المالية والاقتصادية"، مُعتبراً ان كل هذه الأمور صبت بمصلحة القطاع الخاص في السنوات الأخيرة".قطاع استعاد توازنه
رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، لفت بدوره في حديث لـ "لبنان 24" إلى ان "عدد العمال والموظفين في القطاع الخاص المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو 450 ألف عامل".  
 
ولفت إلى ان "القطاع الخاص يتكوّن من عدة قطاعات أهمها القطاع الصناعي والذي يشمل الصناعات الغذائية والطبية والثياب الأحذية وغيرها وهو استعاد دوره مؤخرا والتوازن فيه عبر التصدير إلى الخارج"، وقال: "هذا التوازن المالي ومدخول الدولار الذي يجنيه الصناعيون في لبنان أدى الى دفع الرواتب بشكل كامل أو جزئي بالعملة الخضراء وانعكس بالتالي إيجابا على هذا القطاع".   
 
وأضاف الأسمر: "القطاع السياحي والمطاعم والفنادق والباتيسري والأفران والزراعي والقطاعات المرتبطة بالواقع السياحي من مكاتب سياحة وسفر وقطاع الخدمات والسوبرماركت، كلها قطاعات استعادت أيضا عافيتها وتوازنها وعادت تحقق أرباحا ومداخيل بالدولار ما انعكس إيجابا على العمال."
 
وأكد الأسمر ان "جزءا من القطاع الخاص تعافى بشكل سريع من الأزمة المالية التي ضربت لبنان"، مشيرا أيضا إلى العاملين في القطاع الخاص خارج لبنان خاصة في دول الخليج وأوروبا وعددهم نحو 500 ألف عامل ومداخيلهم بالدولار ومساهمتهم بتنشيط الاقتصاد اللبناني عبر التحويلات التي تصل شهريا إلى لبنان والتي وصلت في مرحلة معينة إلى 7 مليارات دولار".
 
وذكّر الأسمر بأن "هناك بعض القطاعات والمؤسسات التي أقفلت وأخرى في طريقها إلى الاضمحلال والزوال" ، مشيرا إلى ان المؤسسات التي لا تزال موجودة تسعى اليوم لايجاد خطة للتعافي".  وأضاف: "الرواتب في القطاع الخاص أصبحت مدولرة بشكل كامل أو جزئي وبالتالي هذا الأمر أعاد التوازن إلى الواقع الاقتصادي من خلال حركة القطاع الخاص".  
وأشار إلى مساهمة الاتحاد العمالي بالحوار الذي يحصل لإنصاف الموظفين في القطاع الخاص، لافتا إلى انجاز عدة زيادات للراتب ولملحقاته، وختم بالقول: "نحن بطريقنا لتحسين بعض الأمور أيضا لمصلحة العمال في القطاع الخاص".  
 
إذاً يُساهم القطاع الخاص بشكل كبير في تحريك العجلة الاقتصادية على أمل ان ينسحب هذا الأمر على القطاع العام وان تحل مشاكله ويعود إلى إنتاجيته ليتمكن لبنان من ان يتنفس الصعداء بعد سنوات من التعثر المالي والاقتصادي والمصرفي أثقلت كاهل اللبنانيين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...