هل فعلاً تريد واشنطن تحقيقاً جدّياً في انفجار مرفأ بيروت؟

 

جاء في الديار:

يوم وقوع انفجار مرفأ بيروت في 4 اب 2020 قال الرئيس الاميركي انذاك دونالد ترامب انه هجوم مروع مشيرا الى انه اجتمع مع عدد من الجنرالات الاميركيين "الذين يعتقدون ان الانفجار ليس من نوع الانفجارات التي تنجم عن عملية تصنيع وتابع ترامب للصحفيين إنه بحسب هؤلاء العسكريين، الذين لم يذكرهم بالاسم، فإن الانفجار كان هجوما و"قنبلة من نوع ما".

ومن بعد ذلك سحب تغريدته عن مواقع التواصل الاجتماعي و بدأ المسؤولون الاميركيون يقولون انه "حادث".

اليوم، حثت الادارة الاميركية سفيرتها في بيروت دوروتي شيا على المطالبة باخلاء سبيل الموقوف محمد زياد العوف وهو رئيس مصلحة الامن والسلامة في مرفأ بيروت وهو يحمل الجنسية الاميركية. وهذا ما حصل.

الا ان توقيت هذا الطلب اثار ضجة قضائية الامر الذي دفع بالمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الى اخلاء سبيل كافة الموقوفين وعددهم 17. واضف الى ذلك، ان الذعر والرعب اصاب نفوس اهالي ضحايا 4 اب خاصة انهم رأوا في يوم واحد انه لم يعد هناك موقوف في جريمة مرفأ بيروت وان التحقيق قد تتم تصفيته.

فلنتكلم بصراحة: هل تريد واشنطن تحقيقا جديا في انفجار مرفأ بيروت؟ ام تهتم فقط باخلاء سبيل موقوف يحمل الجنسية الاميركية وبعد ذلك فلا يهمها كيف ينتهي التحقيق او يتوقف في هذا الملف؟

ذلك ان السفيرة شيا مارست الضغط على المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات باخلاء سبيل "العوف" وهذا يعتبر تهديدا لصلاحيات القضاء اللبناني وفق ما ذكرت وسائل اعلام لبنانية. وما زاد الطين بلة ان التهديد الاميركي احدث فوضى قضائية بعثرت الجهود السابقة التي قام بها المحقق العدلي السابق فادي صوان وعليه، هذا التصرف من قبل السفيرة الاميركية في بيروت حصل في ظل ازمة يعيشها لبنان على مستوى الشغور الرئاسي والانهيار المالي والاقتصادي وانحلال مؤسسات الدولة وصولا الى قرارات قضائية متناقضة وهذه ظاهرة خطرة للمرة الاولى تحصل ان يصل الصراع بين المحقق العدلي وبين المدعي العام التمييزي. وفي ظل هذه الظروف حيث كان يجب ان يجتمع مجلس القضاء الاعلى لحسم الامور، الا ان هذا العمل لم يحصل لعدم اكتمال النصاب فضلا عن ان وزير العدل كان مسافرا الى دولة الامارات. فاختلط الحابل بالنابل.

ان اميركا التي هي دولة قانون حيث تدخل الشرطة القضائية الى منزل الرئيس السابق دونالد ترامب لتفتيش منزله والعثور على وثائق سرية كذلك حصل الامر ذاته مع الرئيس الحالي جو بايدن، فكيف تتصرف دولة القانون اميركا في لبنان بهذا الشكل لو كانت تريد فعلا تحقيقا جديا لكشف الحقيقة في مرفأ بيروت.

كلها اسئلة برهن واشنطن لتجاوب عنها. والحال ان الضجة التي قامت بها السفيرة الاميركية في بيروت لم تترافق مع تصريح او تعليق لمسؤول في الخارجية او وزارة العدل الاميركية لتوضيح ما هي التعليمات التي ارسلتها واشنطن لسفيرتها في بيروت والتي ادت الى انقسام قضائي لبناني.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يحق للسفيرة الاميركية ان تتصرف بهذا الاسلوب وتعريض لبنان فوق ازماته الى ازمة قضائية وان كانت الولايات المتحدة دولة عظمى؟ ام ان واشنطن لا تكترث لمعرفة كيف قتل 200 لبناني وجرح سبعة الاف مواطن ودمر اكثر من ثمانية الف منزل اي ثلث العاصمة اللبنانية؟

والادهى من ذلك، ان التدخل الاميركي انتج انقساما قضائيا اصابت شظاياه اولا الشفافية والعدالة وثانيا ضحايا الانفجار وثالثا اهالي الضحايا.

فماذا فعلت واشنطن للبنان؟ اهم ما تقوم به السفارة الاميركية في بيروت هو اصدار بيانات انها تريد تحقيقا سريعا يتسم بالشفافية ولكن في الوقت ذاته لم تقدم صور الاقمار الصناعية ليوم 4 اب للدولة اللبنانية بل اكتفت بارسال محققين من المكتب الفيدرالي الى مسرح الجريمة في بيروت. والمكتب الفيدرالي او" اف.بي.اي" قال ان كمية نيترات الامونيوم التي انفجرت كانت خمس اجمالي الكمية البالغة 2754 طنا التي تم تفريغها عام 2013 اي بمعنى اخر انفجر 20% من نيترات الامونيوم الموجودة في العنبر رقم 12. من هنا، نسأل : ماذا استفاد لبنان من تقرير اف.بي.اي بعد ان انفجرت النيترات وشهدنا بام العين حجم الدمار الى جانب سقوط اكثر من 200 مواطن لبناني والاف الجرحى؟

في نهاية المطاف، ورغم اقوال واشنطن عبر سفارتها عن حرصها على تحقيق مرفأ بيروت الا ان الوقائع تدل الى ان الولايات المتحدة لم تساعد الدولة اللبنانية في هذا المسار او تسهل التحقيق بالحد الادنى بل جل ما فعلته انها بعثرت تحقيق انفجار المرفأ في بيروت منذ عامين الى يومنا هذا.

شارك هذا الخبر

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...