بكركي لا تنتخب الا بطريركاً!

 

على وقع تسارع الانهيار الاقتصادي في لبنان وعلى وقع القفزات غير المحببة التي تطال عالم الدولار، ينتظر المواطنون اللبنانيون ان تُهطل السماء عليهم مجموعة من الحلول تخفّف من معاناتهم التي باتت لا تطاق ولا تحتمل.وعلى درب الجلجلة التي يسير عليها اللبنانيون، تظهر المطبات كثيرة ويبدو الصليب ثقيلاً وكبيراً، في حين ان الخلاص لا يمكن ان يبدأ الا عبر انتظام العمل المؤسساتي في لبنان وعودة الحياة التشريعية والتنفيذية الى طبيعتها، وهذا ما لا يمكن بلوغه الا عبر انتخاب رئيس للجمهورية يتقن فن "دوزنة" التركبية اللبنانية، التي بات يعلم الجميع ان لا قدرة على القفز فوقها او تخطيها.

انطلاقاً من هنا، يبدو ان مختلف الأفرقاء في لبنان باتوا يعلمون انه لا يمكن الوصول الى مرحلة الحلول دون المرور في مرحلة اكيدة من التواصل والحوار والاتفاق، أقله على بعض الخطوط العريضة، لكن وعلى الرغم من هذا، يحاول جزء من اللاعبين السياسيين الأساسيين في البلاد غض النظر عن هذه الحقيقة والبحث عن مخارج لا يمكن وضعها الا في اطار تمرير الوقت، محاولة منهم لتحقيق بعض الاهداف.وفي اطار لعبة تمرير الوقت، يظهر أكثر تحرك سياسي في لبنان وتنشط مجموعة من التيارات والاحزاب، ما يؤدي الى خلق مناخ من الزيارات والبيانات والتفسيرات التي تدور جميعها في فلك الفراغ لا في فلك التخلص منه.

وفي هذا السياق يؤكد مرجع مطلع لـ" لبنان 24" ان " اكثر من جهة سياسية تعمل على اظهار نفسها كلاعب اساسي او محرّك اساسي للملف الرئاسي في لبنان، او بأفضل الحالات تحاول هذه الجهات اظهار اهتمامها الفعليّ في انهاء الشغور الرئاسيّ ووضع حد لنتائجه، لكن الواقع والحقيقة يؤكدان ان اي حركة او نشاط أقله حتى الساعة، لا يمكن ان يتخطى عملية الدوران في الحلقة المفرغة التي تحيط بكرسيّ بعبدا الرئاسيّ.

ويضيف المرجع: " وفي مجال المبادرات او التحركات الرئاسية، لا بد من التمييز بين مختلف الخطوات التي تقودها الاحزاب السياسية في لبنان والخطوة الحوارية التي تحاول البطريركية المارونية اخراجها من عنق الزجاجة.
فلدى بكركي رغبة حقيقة في خلق دينامكية جدية تساعد في انتخاب رئيس للجمهورية يتمتع بالحدّ الادنى من المرونة حتى يتمكن من التعاطي بطريقة ايجابية مع الانقسام العمودي الحاصل في البلاد.

لكن رغبة بكركي وعلى ما يبدو، تُقابل برغبات كثيرة تحمل في طياتها نوعاً من المصالح الخاصة او الأنانية التي يمكن استبدالها بمصطلح الانعزالية اوالتقوقع او سواهما من المصطلحات التي أدت الى دمار المجتمع اللبناني في أكثر من مرحلة".

ويشير المرجع الى ان " محاولات استغلال خوف بكركي على الواقع المسيحيّ بشكل عام والمارونيّ بشكل خاص، ظهرت بشكل كبير الى العلن منذ اللحظة الاولى التي لمّحت فيها البطريركية المارونية الى امكان الدعوة لعقد اجتماع مسيحيّ موسع او غير موسع.

فبعد سعي البعض من المدعوين المحتملين الى محاولة الاستفادة من اللقاء المسيحيّ لتعويم وجودهم وحضورهم وحظوظهم، يحاول البعض الآخر اليوم، ان يدفع بكركي الى ارتداء ثوب تقسيمي بدلاً من ثوب الوحدة والعيش الواحد، الذي حرصت عليه منذ اندفاعها لاعلان دولة لبنان الكبير.

وهنا تجدر الاشارة الى ان اي دعوة للذهاب الى عملية انتخاب تعطى صفة الانتخابات الأولية او التحضيرية او اي صفة اخرى، تجري ضمن اروقة بكركي وينتج عنها اختيار اسم او اينين او أكثر من الموارنة للدخول الى حلبة السباق الرئاسية، ستؤدي حتما الى بروز أزمة جديدة تضاف الى الازمات الكثيرة التي يعاني منها لبنان.

فبكركي لا تنتخب الا بطريركاً والأوراق الانتخابية التي يمكن ان تدخل في صندوقها الاقتراعي لا يَكتب عليها الا الأساقفة الموارنة اعضاء المجمع المقدس، ولا يحرسها الا الـ "الخازن" الكرام بفعل التاريخ والعرف والواقع.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...