جلسةُ المواجهة بين البيطار وعويدات حُدِّدت وأمنُ الدولة أخذَ علماً …هل يكمل البيطار معركته للنهاية؟

 

خرجت قضية انفجار المرفأ عن كلِّ المسارات القانونيّة الصّحيحة وتفوَّقَت التركيبَة القضائيّة-السياسيّة على كلّ التوقّعات.

فلو كنّا في دولةٍ مكتمِلَة المقوّمات، لكان مرَّ يوم الإثنين المقبل بشكلٍ طبيعيٍّ بمثولِ المدّعى عليهما غازي زعيتر ونهاد المشنوق أمام المحقّق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار. لو كنّا في دولة تحترم قضاءَها وتؤمِن باستقلاليَّتِه لكان المدّعى عليهما حضرا وقدّما افادتيهما وتَرَكا الأمور تأخذ مجراها الطبيعي.

لكن بما أنَّنا في دولة محكومة من مجموعة سياسيّة- أمنيّة قابضَة على القضاء فإنَّ تبليغ جميع المدّعى عليهم وفقاً للأصول لم يتمّ. والسّبب أن مدّعي عام التمييز احتفظ بالتبليغات التي وصَلته بذريعة أنّه لا يعترف بصلاحية المحقّق العدلي "المكفوف اليد" كما أكّد في كتابه له، وأوعزَ إلى قوى الأمن الداخلي عدم تنفيذ أي إشارةٍ قضائيّةٍ إلّا تلك الصّادرة عنه.

بالنتيجة نَجَح مدّعي عام التميّيز المُتسلّح بدعم ثلاثيٍّ من سياسيّين وقضاة وأمنيّين بتكبيل البيطار كما أراد، وَوَضَع جلسة الإثنين وما بعدها في مهبّ الرّيح. فالمشنوق وزعيتر مبلّغان لصقاً وهذا النوع من التبليغ يرتّب عادةً نتائج قانونيّة بحق المدّعى عليهم كإصدار مذكّرات توقيف.

لكن هل يكفي أن يتمّ لصق التبليغ فقط على باب مكتب المحقّق العدلي كما هو حاصل؟ بالنفي تجيب مصادر قانونيّة لافتةً إلى وجوبِ إبلاغ مختار محلّة سكن المطلوب الإستماع إليه ولصق التبليغ أيضاً قربَ مكان سَكنِه. أما في حال لم تتم التبليغات وفقاً للأصول فيصبح من المستبعَد في هذه الحالة إصدار مذكّرات توقيف بحق المدّعى عليهما، إلّا إذا وجد البيطار مبرّرات قانونيّة معيّنة يستند إليها لاتخاذ إجراءات بحقّ من تخلَّفا عن الحضور إذ سبق أن تمّ تبليغهما قبل كفِّ يد المحقّق العدلي.

بأيِّ حال فإنَّ القرار بيد القاضي طارق البيطار وحدَه الذي تتراوح خياراته ما بين تسطير مذكّرات توقيف يَعرِف سلفاً أنها لن تُنفَّذ لكنّها ستشكّل إحدى مرتكزات قراره الإتّهامي، وبين إرجاء جلسات الإستجواب.

في هذا الوقت تَشخَصُ عيون النيابة العامة التمييزيّة باتجاه المحقّق العدلي. إذ تشير مصادر قضائية ل LebanonOn إلى أنّ التمييزيّة لم تُسطِّر أي مذكّرة إحضار بعد بحقّ القاضي طارق البيطار على خلفيّة ادّعاء عويدات عليه لكنَّ ترقُّب خطواته المقبِلة هو سيّد الموقف.

فاذا أصرَّ البيطار على السّير بجلساته سيُقابَل بخطوةٍ تصعيديَّةٍ من الجانب الآخر على اعتبار أنّه يغتصبُ سلطةً ليست له، وقد طُلب إلى جهاز أمن الدولة أن يكون جاهزاً يوم الإثنين لتنفيذ مذكِّرة الإحضار بحق البيطار إذا صدرَت. في حين تؤكّد مصادرُ قضائيّة أخرى أنَّ الجرمَ المنسوب إلى البيطار غير قائم من أساسه، إذ كيف للمحقّق العدلي أن يكون مغتصباً للسلطة طالما أنّه لا يزال قاضياً. فالسّلطة التي اتّهم باغتصابها هي السلطة القضائية التي لا يزال جزءاً منها كما أنّه لا يزال محقّقاً عدلياً بقرارٍ من مجلس القضاء الأعلى. وهنا تسأل مصادر قانونيّة لما التركيز فقط على البيطار وتناسي ما قام به مدّعي عام التمييز في قضيّة الموقوفين؟ فإذا وجد مدّعي عام التمييز أن القاضي بيطار أخطأ هل يكون الردُّ عليه بإحالته على التفتيش القضائي أم باطلاق سراح موقوفين من دون العودة إلى الملف القضائي؟

أمام هذا الصّراع الذي لم تشهد له العدليّة مثيلاً على حدّ تأكيد أكثر من قاضٍ لا يزال المشهد ضبابياً بالنّسبة لأولى جلسات الإستجواب الجديدة يوم الإثنين المقبل، فهل يُكمِل البيطار معركتَه حتى النهاية أم ينجح رهانُ البعض على تكبيلِه لتطييره ومعه ملف المرفأ؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...