قبل الرئاسة... بري يريد الحريري بالتسوية

 

خصص الرئيس سعد الحريري مائدة عين التينة عن غيرها من الموائد السياسية التي تمنته أن يكون ضيفا عليها، فاختار الجلوس الى جانب الرئيس نبيه بري من دون اي صورة أو اعلام ليكون الحديث بأريحية ويفضفض رئيس تيار المستقبل ما في جعبته لصديقه الدائم.

لا يُخفي الرئيس نبيه بري انحيازه الى الحريري الابن كما كان مع الاب. كان يُهندس التسويات لصالح الحريري في مجلس النواب أو في الحكومة رغم بعض التباينات بينهما ولكن بري ظل على يقين أن الساحة السُنية لن "تلفظ" سعد وستظل متمسكة به رغم كل الفيتوات عليه، فبالنسبة اليه شراكة الساحة السُنية اليوم تعني الحريري أولا في أي تسوية قادمة نحو لبنان، والوقائع برأي رئيس المجلس تؤكد صوابية رؤيته.

في عين التينة حضرت الملفات السياسية الساخنة، كان طبق التسوية الرئاسية حاضرا على الطاولة من بوابة التأييد الضمني لسليمان فرنجية كمرشح يمكن التفاهم معه بالنسبة الى بري والحريري، الا أن الظروف الاقليمية والدولية تفرض على الاطراف في الداخل اعادة البحث في الخيارات حرصا في الدرجة الاولى على حرق اسم فرنجية والتحاقه بالرئيس ميشال عون وبالدرجة الثانية مهادنة الطرف المسيحي والامتناع عن فتح اي جبهة ضده. وفي الحالتين يخشى بري كما الحريري من توسع رقعة العقوبات الدولية والعربية على لبنان في حال تم اتخاذ الخيار الذي يُعتبر مستفزا للاطراف الخارجية، وفي الاطار كان هناك تأكيد على رفض المملكة العربية السعودية لاسم فرنجية وهذا ما سمعه الحريري من الاماراتيين، وعليه فإن رئيس تيار المستقبل يرفض اي خيار يؤدي الى كسر الجرة مع المسؤولين في المملكة وعلى رأسهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. من هنا كان التوافق على البحث بأسماء جديدة غير مستفزة للمملكة ومحط ثقة بالنسبة للدولة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية وايران ودول الاتحاد الاوروبي. ورغم قناعة بري بفرنجية ووضعه كأولوية على لائحة المرشحين، الا أن تمسكه بالرجل على خلاف التوافق الاقليمي والدولي غير وارد. 

انطلاقا من هذا المبدأ رمى بري "فتيشة" النصف زائدا واحدا لانتخاب فرنجية مع تأمين نصاب الثلثين في جلسة انتخابه، مع علمه المسبق أن هذا الطرح سيكون مستفزا بالنسبة للطرفين المسيحيين الرئيسيين في المعادلة، كما أن تأمين النصاب أيضا مستحيل في ظل وجود اكثريات متحركة في مجلس النواب، وما تأجيل البحث بعقد جلسة تشريعية لاقرار عدد من القوانين الا خير دليل على صعوبة تجيير الاصوات لصالح فرنجية. وامام هذه الاستحالة فتحت عين التينة الباب امام سيناريوهات بأسماء رئاسية جديدة، وتركيز بري على الحوار يأتي انطلاقا من قناعته بضرورة أن تطرح الكتل هواجسها ويخرج منها رفض فرنجية حرصا منه على موقع رئيس تيار المرده وصداقته الوطيدة به.لا يغيب عن بري اسم الحريري كرئيس للحكومة، وبات الثنائي "حزب الله حركة أمل" أحوج الى الرجل من أي وقت مضى، حيث ترك رئيس التيار الازرق فراغا كبيرا داخل الطائفة السنية، وبرأي مقربين من الحريري فإن حزب الله الذي يعمل على اختراق هذه الطائفة لم يتمكن من ايجاد مفاتيح تساعده على الدخول اكثر في المناطق ذات الثقل السُني فهو لا يزال يصطدم بشعبية الحريري الرافضة لأي تواجد للحزب عبر اجنحته، وعليه بات الحزب والحركة اكثر قناعة بعودة الحريري الى الساحة السياسية والتفاهم معه كما كان يحصل في السابق وهو ما يؤكده الرئيس بري أمام زواره وسمعه الحريري على مائدة عين التينة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...