التفلت الواسع يتقدم والمجلس في فوهة البركان!

 

جاء في "اللواء": 

هل دخل الوضع في البلاد مرحلة التفلت، بدءاً من حالات جديدة، طغت على السطح في الجلسة رقم 11 لمجلس النواب على نية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مروراً بطلائع تحركات جديدة في الشارع مع ارتفاع قياسي لسعر صرف الدولار الاميركي، الذي تخطى سقف الخمسين ألفاً، تاركاً نتائج كارثية على اسعار المحروقات التي تتسابق للوصول الى سقف المليون ليرة لصفيحة البنزين، والامر نفسه مع صفيحة المازوت والغاز الخ.. وصولاً الى ما بات يعرف «بالانفجار الكبير» المرتكز على انهيارات مالية ونقدية واقتصادية واجتماعية، والذي وضعت سفارات وجهات امنية في مخاوف من حصوله مع تزايد الشلل والقلق في الدولة ومؤسساتها واداراتها.

ومع توسع التفلت الذي يتقدم في ميادين عدة، من اضراب موظفي الادارة العامة، الى البلبلة في القضاء، والارباك ازاء مصير «صيرفة» والذي ظهر في اجتماعات المجلس المركزي لمصرف لبنان، وجلسات الحكومة تتزايد عمليات الاعتراض عليها، تحوَّل مجلس النواب، سواء عبر اعتصام النائبين ملحم خلف ونجاة صليبا داخل قاعة الجلسات من دون كهرباء، حيث باتا اول ليلة هناك، وزارهما بعض النواب التغييريين والمستقلين تضامناً، مع تحول المجلس الى مركز تجاذب، وكأنه في فوهة بركان.

وعليه، انتهت جلسة مجلس النواب الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية كما كان مقدّراً لها بلا انتخاب، مع فارقين: الاول هيمنة موضوع انفجار مرفأ بيروت والعدالة لضحاياه على مجريات الجلسة داخل قاعة المجلس وخارجه، وتوزيع نواب تكتل التيار الوطني الحر اصواتهم بين عبارة «الاولويات الرئاسية» والورقة البيضاء.

فقد عقد المجلس النيابي برئاسة الرئيس نبيه بري، جلسته الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية، في تمام الساعة الحادية عشرة. وغاب عن الجلسة بعذر النواب: اكرم شهيب، بيار بو عاصي، طوني فرنجية، علي عسيران، تيمور جنبلاط ، ادغار طرابلسي. وعند دخول «نواب التغيير» الى الجلسة النيابية، حاملين لافتات عليها صور ضحايا وشهداء انفجار المرفأ، توجه اليهم عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم بالقول: «كفاكم استغلالاً لدماء شهداء المرفأ بهذه الطريقة». فاندلع سجال بين ‏هاشم ونائب حزب الكتائب الياس حنكش، الذي اعتبر أن الرد سيكون داخل المجلس. ‏وبالفعل جاء الرد على لسان النائب سامي الجميل، الذي طالب بصدور موقف عن المجلس ‏النيابي لدعم القضاة في الاستمرار بالتحقيق وإنهاء ملف تفجير مرفأ بيروت، ‏وذلك دفاعاً عن أهالي الضحايا.‏

واستهل الرئيس بري الجلسة بدقيقة صمت على روح الراحل الرئيس حسين الحسيني.

وتحدث عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن في مستهلّ الجلسة فدعا «للتشاور وكسر الجمود، وإلا قد نضطرّ كنواب اللقاء الديمقراطي الى تعليق مشاركتنا في الجلسة المقبلة إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه».

وأعلن النائب ملحم خلف أنه سيبقى والنائبة نجاة صليبا في مجلس النواب إلى حين الإعلان عن مشاورات وجلسات مفتوحة حتّى انتخاب رئيس للجمهورية.

وبعد التصويت وفرز الاصوات جاءت النتائج على الشكل التالي:

-ورقة بيضاء: 37

-ميشال معوّض: 34

-عصام خليفة: 7

-زياد بارود: 2

-لبنان الجديد: 14

-ميلاد أبو ملهب: 1

-صلاح حنين: 1

-ورقة ملغاة: 15 حملت العبارات الاتية: «4 آب»، «ميشال معوض العدالة لضحايا 4 آب»، «الأولويات الرئاسية»، «توافق»، «الحوار لأجل لبنان»، «بيرني ساندرز» وهو مرشّح سابق عن الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية. و»عصام خليفة لحماية تحقيق مرفأ بيروت» .

وبعد ان صوّت أحد النواب لميلاد بوملهب فصرخ الأخير من المكان المخصص لحضور الجلسة» «الله أكبر». فأوعز بري بمنعه من الدخول إلى البرلمان.

واشارت المعلومات الى ان أصوات نوّاب «لبنان القوي» توزّعت بين الأوراق البيضاء التي وضعها النوّاب هاغوب بقرادونيان، هاغوب ترزيان، جورج بوشكيان ومحمد يحيى، وعبارة «الأولويّات الرئاسيّة» التي وضعها سبعة نوّاب، بالإضافة الى اسم الوزير السابق زياد بارود الذي اقترع له نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.

ورفع رئيس مجلس النواب نبيه برّي الجلسة، بعد فقدان النصاب. لكن النائب ملحم خلف دعاه الى عقد جلسات متتالية فرد بري: «مش عليّ هيدي».

بعد رفع جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، بقي النائبان ملحم خلف ونجاة عون صليبا داخل القاعة وقررا الاعتصام، وانضم إليهما كل من النواب الدكتور اسامة سعد وفراس حمدان وسينتيا زرازير وبولا يعقوبيان والدكتور الياس جرادة وميشال دويهي واديب عبد المسيح وسليم الصايغ والدكتور عبد الرحمن البزري، ووضاح الصادق، وحليمة القعقور والياس حنكش.. ويتوقع ان يزداد العدد تباعاً.

الى ذلك، تم إبلاغ النواب المعتصمين بأنه سيتم إغلاق جميع مداخل المجلس النيابي وإطفاء الكهرباء عند الساعة 2:30 فيما يبحث النواب عن طريقة لابقاء مدخل واحد مفتوح للحفاظ على التواصل مع النواب المعتصمين.

من جانبها أشارت النائبة بولا يعقوبيان الى أنه وُجد حلّ للدّخول عبر بابٍ جانبي وممرّ وقيل لنا «أمّنوا المازوت فنترك الكهرباء» وهذا ما سنقوم به.وفعلا بقي النواب معتصمين على العتمة.

وأكدت النائبة يعقوبيان تأييدها لموقف النائبين خلف وعون في اعتصامهما السلميّ داخل المجلس «عسى أن تُفتح جلسات متتالية ومتواصلة لانتخاب رئيس» .

كما نقلت النائب سينتيا زرازير حقائب النائبة صليبا إلى داخل المجلس وقالت: «شكلوا اعتصام مفتوع للخميس المقبل».

وعلّق النائب سامي الجميّل على خطوة خلف بالقول: خطوة وطنيّة بامتياز وسنواكبها، وللأسف لم يتمّ تنسيقها معنا ويُمكن أن ننضمّ في أيّ وقت لهذه الخطوة.

وليلا جرى تحرك شعبي في محيط المجلس النيابي لمساندة النواب المعتصمين في قاعة مجلس النواب وعدد المشاركين تزايد تباعاً.

وافادت بعض المعومات أنّ اجتماعاً طارئاً ومفتوحاً تداعى إليه النواب المعتصمون في المجلس، اليوم الجمعة عن الساعة 12:30 ظهراً، سيحضره نائب رئيس المجلس الياس بو صعب، بهدف «إيجاد مخرج سريع لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة» .

واعتبرت مصادر سياسة ان الخلاف الظاهري بين تحالف حزب الله وبري والتيار الوطني الحر على مرشح واحد للرئاسة،يقابل مرشح المعارضة النائب ميشال معوض،ليس السبب الوحيد الذي يعيق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل هناك اسباب اخرى، مرتبطة بالصراع الاقليمي والدولي الدائر بين الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما مع النظام الايراني حول الملف النووي ، ومحاولة طهران ابقاء الانتخابات الرئاسية اللبنانية ورقة بيدها،للمساومة عليها لتحقيق ما

امكن من مكاسب،اولتحسين شروطها قدر الامكان في اي صفقة يتم التوصل اليها،بالرغم من كل محاولات انكار هذا الترابط من حزب الله او المسؤولين الإيرانيين.

واشارت المصادر الى انه ليست المرة الاولى التي تقبض فيها طهران على استحقاق انتخابي على مستوى رئاسة الجمهورية في لبنان، بل سبقه نفس التعاطي مع أكثر من استحقاق على هذا المستوى طوال العقدين الماضيين ،وكان اخرها بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان ،وادخال لبنان في الفراغ الرئاسي لاكثرمن عامين كاملين بقوة وترهيب سلاح حزب الله، الى ان استطاعت تنصيب حليفها المطواع ميشال عون في سدة الرئاسة.

وقالت المصادر لو ان الخلاف محلي بين الحزب وسائر حلفائه وتحديدا التيار الوطني الحر حول الاستحقاق الرئاسي، لكان بامكان الحزب حله بسهولة، واعلان مرشح التحالف بمواجهة مرشح المعارضة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الا ان المشكله تتجاوز الواقع المحلي وقدرات الاطراف السياسيين، ولها علاقة مباشرة بالنظام الايراني، كما تظهر الوقائع بوضوح لهذا الارتباط الذي لم يعد خافيا على احد.

ولاحظت المصادر غياب اي مبادرات او تحركات جديّة، لفتح قنوات تفاهم على مرشح توافقي مقبول من كل الاطراف، بينما تبقى دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لاجراء حوار مع المعارضة بخصوص انجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، غير مضمونة النتائج، او محاولة لفرض مرشح رئاسي محسوب على الحزب من خلال الحوار،او تحت ستاره، وهو ما تتحسب له المعارضة وتتجنب الخوض فيه، في حين تبشّرُ المواقف المتلاحقة للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله حول الاستحقاق الرئاسي، باستبعاد حل أزمة الانتخابات الرئاسية قريبا، وانما مؤجلة لحين انقشاع غمامة الاشتباك السياسي المتصاعد بين الولايات المتحدة الأميركية والغرب مع ايران والذي لا يبدو قريبا، ما يعني ان ازمة الفراغ بالرئاسة قد تطول اكثر مماهو متوقع.

واضافت ان تصاعد حدة الخلافات المتفاقمة بين الغرب بقيادة واشنطن مع ايران،ان كان حول الملف النووي الايراني، او بسبب تزويد طهران لروسيا بطائرات مسيّرة، لمحاربة اوكرانيا، واخيرا بسبب سلوكيات النظام الايراني بقمع ثورة الشعب الايراني بالقوة ،والتداعيات السلبية الناجمة عن هذه الاحداث، احدث فجوة تصل إلى حد القطيعة بين بعض الدول التي كانت تتواصل مع طهران وفي مقدمتها فرنسا، ما اثر سلبا على الوساطة وتضييق شقة الخلافات والتفاهم على مرشح رئاسي ،وتسريع خطى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والبدء بخطوات سريعة لحل الازمة اللبنانية.

المصدر : اللواء

شارك هذا الخبر

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...