أميركا على خطى السعودية… الأولويّة للأمن ولا مرشّح رئاسيّاً

 

لا يختلف الموقف الأميركي اتجاه لبنان عن الموقف السعودي. هو موقف يتمّ التأكيد عليه في كلّ مناسبة، وأولويّته توفير مظلّة أمنيّة تحمي الاستقرار عبر دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، مقابل مراقبة ومراجعة المواقف السياسية اللبنانية اتجاه الاستحقاقات البارزة، وفي مقدَّمها استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية.

تقول مصادر أميركية ناشطة في أحد مراكز الدراسات التابعة للكونغرس الأميركي إنّ الأولوية اليوم للإدارة الأميركية والكونغرس دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية من أجل حماية الأمن والاستقرار ومنع الانهيار الشامل، ولأنّ المؤسسة العسكرية هي الوحيدة القادرة على ملء الفراغ وإحداث توازن مع حزب الله الجهة اللبنانية الأقوى اليوم، ولأن لا مصلحة لأميركا اليوم بانهيار الوضع اللبناني على الرغم من التطوّرات السياسية والاقتصادية والمعيشية الصعبة.
تضيف المصادر أن لا مرشّح رئاسياً محدّداً للإدارة الاميركية اليوم في لبنان، وأنّ الأميركيين تلقّوا عروضاً عديدة من شخصيات لبنانية لنيل الدعم، لكنّ الموقف الأميركي كان تجاهل هذه العروض وانتظار ما ستسفر عنه التحرّكات اللبنانية الداخلية وبعض اللقاءات الإقليمية والدولية، فموقف واشنطن مرتبط ببرنامج المرشّح الرئاسي ومواقفه من مختلف التطوّرات، وخصوصاً على صعيد الإصلاح الاقتصادي وحماية الاستقرار في الجنوب ومنع تحوّل لبنان إلى مركز دعم للمحور الإيراني في المنطقة واستكمال التنقيب عن النفط والغاز.تتابع المصادر قائلة إنّ الأولويات الأميركية في لبنان والمنطقة اليوم هي: أوّلاً استكمال التنقيب عن الغاز والنفط وحماية الاستقرار في كلّ دول المنطقة من أجل خفض أسعار النفط واستغلال كلّ الآبار ومنع أيّ عمل عسكري يؤدّي إلى زعزعة أسواق النفط، وثانياً حماية أمن إسرائيل لكن بشرط عدم حصول أيّة تطوّرات عسكرية كبيرة تؤدّي إلى إشعال الحرب الشاملة في المنطقة، وثالثاً عدم السماح لإيران بامتلاك القنبلة النووية واستكمال الضغوط عليها وعلى الدول المرتبطة بها، وخصوصاً في المجالات الاقتصادية، ورابعاً استمرار مواجهة المحور الإيراني-الروسي بكلّ الوسائل الممكنة من دون الوصول إلى المواجهة المباشرة في المنطقة.

إلى ذلك تستغرب المصادر ما يدور من حديث عن حصار أميركي للبنان في ظلّ زيادة الواردات اللبنانية التي وصلت إلى حوالي 19 مليار دولار في العام الماضي وتضمّنت سيارات رانج روفر وهواتف ذكية وكماليّات كثيرة، وهو ما يعني أنّ هناك كميّات كبيرة من الدولارات الأميركية تدخل لبنان، وأنّ المشكلة الأساسية في لبنان هي عدم تنفيذ خطط الإصلاح المطلوبة ووجود كتلة اقتصادية وسياسية تمنع تطبيق خطة الإصلاح، وخصوصاً على صعيد المصارف وتوزيع الخسائر.

في سياق آخر، تؤكّد المصادر أنّ الإدارة الأميركية ومعظم الدول الغربية ترفض مشاريع الفدرالية وتقسيم لبنان، وأنّ محاولات الكثير من الناشطين اللبنانيين الترويج لهذه المشاريع في أميركا وبعض الدول الغربية لم تلقَ أيّ تجاوب من الجهات الرسمية في هذه الدول، وأنّ الأولوية لمعظم الدول المعنيّة بلبنان استمرار الاستقرار وتنفيذ خارطة الإصلاح وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة إصلاحية، وهي مهامّ اللبنانيين أولاً وأخيراً.تختم هذه المصادر بالقول إنّ على اللبنانيين عدم انتظار الحلول من الخارج، مشدّدةً على ضرورة وضع خارطة طريق الإصلاح على سكّة التنفيذ، وخصوصاً ما يُسمّى "توزيع الخسائر"، وأن تتحمّل المصارف مسؤوليّتها في هذا المجال وتقوم الدولة أيضاً بتحمّل جزء من المسؤولية حفاظاً على دور المصارف والقطاع المصرفي لأنّه سيكون له دور مهمّ في إنقاذ لبنان، لافتة إلى أن ليس لدى الإدارة الأميركية مرشّح معيّن لحاكمية مصرف لبنان، فما يهمّها وجود شخصية متعاونة معها في هذه المواقع المهمّة، وأنّ التحدّي الآخر سيكون في موقع قيادة الجيش بعد انتهاء ولاية القائد الحالي، إذ الأولوية عند الأميركيين حماية الاستقرار أوّلاً وأخيراً.

فهل يسمع اللبنانيون والقادة اللبنانيون هذه المعطيات فيسارعوا إلى وضع الحلول الداخلية أم يظلّون منتظرين الحلول من الخارج؟

قاسم قصير - اساس ميديا

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...