تاريخ لبنان حافل بالخضات الرئاسية... لا انتخابات "طبيعية"


 كتبت ميليسّا دريان في "السياسة":

من خميس إلى آخر، يكون اللّبنانيون على موعد مع مسرحية جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية.

وكما هو متوقع فالجلسات بلا معنى ولا يأتي يوم الخميس برئيس، بل بمزيد من التعطيل.

انتهى عام 2022 مع 10 جلسات من دون نتيجة، لتبدأ سنة 2023 مع الجلسة رقم 11 لانتخاب رئيس.

في عودة سريعة إلى الوراء، يعتبر الدكتور عماد مراد، أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في الجامعة اللّبنانية أنه "من عام 1943 وحتى اليوم، من النادر أن تنتهي ولاية رئيس بشكل طبيعي".

ويشرح في حديث لـ "السياسة": "منذ بداية الاستقلال مع الرئيس بشارة الخوري، جُدد له بعد انتهاء ولايته لمدة ست سنوات ليكون أول رئيس للجمهورية يُمدّد له. وبعد التجديد له، أسقطه الشارع في نصف ولايته الثانية عام 1952 ولم يكمل عهده".

ويضيف مراد: "عُيّن بعدها فؤاد شهاب قائد الجيش آنذاك رئيس حكومة انتقالية حسب ما ينص الدستور، واستمر وقتها لثلاثة أيام فقط حيث استلم الحكم الرئيس كميل شمعون لمدة 6 سنوات، وكان عهد ازدهار، إلّا أنه انتهى بحرب أهلية وانقسام لبناني بين المسيحيين والمسلمين حول التجديد والتمديد له استمر ثلاثة أشهر، ليوافق بعدها شمعون على إجراء انتخابات مبكرة".

ويتابع مراد: "بعد عهد شمعون انتُخب الرئيس فؤاد شهاب، وكان عهده سلميًّا وهادئًا حمل معه التطوّر والانفتاح والنجاح وانتهى بسلام من دون تمديد بالرغم من أنّ الاكثرية النيابية طلبت التجديد له، وتنازل عن السلطة مسمّيًا شارل حلو رئيسًا للجمهورية".

شارل حلو بحسب مراد "انتهت ولايته بهدوء وبمنافسة ديموقراطية وشرسة بين سليمان فرنجية والياس سركيس، حيث حصلت الانتخابات وفاز فرنجية بفارق صوت واحد على سركيس".

ويضيف مراد: "خلال فترة عهد فرنجية بدأت الحرب وانقسم اللبنانيون وتغيّرت موازين القوى وكان شرط المسلمين آنذاك  أن تحصل انتخابات رئاسية مبكرة لأنّ فرنجية اتُّهم بأنه يقف طرفًا مع القوات والكتائب والأحرار".

بعد الحرب، يقول مراد: "انتُخب الياس سركيس رئيسًا قبل ستة أشهر من انتهاء ولاية سليمان فرنجية، وعهده انتهى في وقته من دون تمديد".

الاغتيالات بدأت...

العهود الرئاسية لم تمرّ بسلام من دون اغتيالات وفق مراد، "وهذا ما حصل مع الرئيس بشير الجميل الذي انتُخب واغتيل، ليُنتخب بعده أمين الجميل والذي استمر في ولايته الكاملة بالرغم من الحرب والانهيار".

متابعًا: "عام 1988 لم ينتخب رئيس للجمهورية بل عُيّن قائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون رئيس حكومة انتقالية، الذي استمر في السلطة وخاض حرب الإلغاء وحرب التحرير".

وبحسب مراد، "بالتدخل العسكري وبعد الفوضى، أُخرج عون من القصر وانتُخب الرئيس رينيه معوض رئيسًا واغتيل أيضًا يوم عيد الاستقلال. وبعد معوض انتُخب الياس الهراوي رئيسًا لمدة ست سنوات ومُدد له ثلاث سنوات ليبقى في السلطة تسع سنوات".

ويقول مراد: "بعد الهراوي انتُخب إميل لحود رئيسًا ومُدد له ثلاث سنوات".

لافتًا الى أنه "خلال عام 2007 لم يُنتخب رئيس للجمهورية بسبب الانقسام بين قوى 14و 8 آذار فضلًا عن الاعتصامات، الى أن عُقد مؤتمر الدوحة وتم الاتفاق على انتخاب ميشال سليمان رئيسًا والذي بقي في الحكم لمدة ست سنوات من دون تمديد".

بعد ذلك، يشير مراد الى أنّ "البلد دخل في شغور استمر لمدة سنتين وأربعة أشهر إلى حين التوافق داخليًا وخارجيًا على انتخاب ميشال عون رئيسًا لمدة ست سنوات عام 2016، وترافق هذا العهد مع انهيار سياسي واجتماعي واقتصادي كامل".

ويتابع: "الى أن وصلنا إلى اليوم، ووسط الشغور الرئاسي الذي يعيشه البلد تستلم لأول مرة الحكومة المستقيلة برئاسة نجيب ميقاتي أمور البلد، وعلى ما يبدو لا أفق لانتخابات قريبًا بسبب الانقسام الداخلي وغياب الضوء الأخضر الخارجي".

وعليه، سنوات صعبة مليئة بالخضات والأزمات مرّت على لبنان وأثرت على الانتخابات الرئاسية... فهل تتغير القاعدة هذه المرة ويُنتخب رئيس بشكل "طبيعي" ويكمل ولايته وينتشل لبنان من الهاوية؟


إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...