ظروف ترشيح العماد عون لم تنضج بعد

 

عندما عُرض اسم قائد الجيش السابق العماد ميشال سليمان في مؤتمر الدوحة ليكون الرئيس الذي يخلف "الفراغ" بعد ولاية الرئيس اميل لحود لم يلقَ ترحيبًا كبيرًا من قِبَل مختلف الأطراف اللبنانيين، الذين دُعوا إلى العاصمة القطرية على أثر أحداث 7 أيار. ولكن تبيّن لضيوف الدوحة، بعد مشاورات صعبة، كانت تتمّ بطريقة غير مباشرة، وبدعم عربي، أنه لا بد من الوصول إلى تسوية أفضت إلى تنازل العماد ميشال عون عمّا كان يعتبره "حقًّا طبيعيًا" برئاسة الجمهورية مقابل بعض المكاسب، التي اعتبرت "نصرًا عونيًا" ومكسبًا مسيحيًا، خصوصًا بالنسبة إلى التقسيمات التي اعتمدت في قانون الانتخابات لجهة فصل بيروت الأولى عن بيروت الثانية، إضافة إلى وعد تلقاه عون من "حزب الله" بدعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية في انتخابات العام 2014. لم يكن اختيار العماد سليمان لرئاسة الجمهورية سوى "خيار الممكن" أو "الخيار الأفضل"، بعدما تحوّل "المزاج السياسي" من ترحيب خجول إلى ترحيب شبه اجماعي، حيث نال 118 صوتًا من أصل 124 نائبًا في جلسة 25 أيار الانتخابية، والتي تميزّت بحضور عربي لافت، ومن دون تعديل للمادة 74 من الدستور. 

فانتخاب العماد سليمان كان خيارًا عربيًا، مدعومًا بموافقة دولية، وببصمة لبنانية، وهو جاء من ضمن ما عُرف بـ "تسوية الدوحة"، أو كبند أول على رأس جدول بنود أخرى، اعتبرها البعض من خلال الممارسة "أنها أسوأ تسوية شهدها لبنان، وهي التي أدّت إلى ما وصل إليه لبنان لاحقًا من أزمات سياسية، واقتصادية، ومالية، واجتماعية ومن "تسوية الدوحة" ننتقل بالزمن إلى ما بعد بعدها، وإلى ما يمكن أن ينتج عن مروحة المشاورات والاتصالات، التي لم تتوقف طيلة فترة عطلة الأعياد، والمرجّح ألا تفضي إلى نتيجة محسومة في البدائل الممكنة، سواء لدى فريق "المحور الممانع"، أو لدى فريق "المحور السيادي"، أقّله في المدى المنظور، باعتبار أن ظروف "التسوية"، التي سترسو على اسم مرشح جامع، لم تنضج بعد، لا خارجيًا ولا داخليًا، وذلك في انتظار ما يمكن أن ترسو عليه "القناعات المشتركة" حول اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشح – مخرج، يمكن من خلال هذا الترشيح كسر حلقة المراوحة، التي يصفها الجميع بأنها "قاتلة"، وذلك نظرًا إلى الظروف غير الطبيعية، التي يعيشها لبنان وسط هذا الكمّ الهائل من المشاكل، التي تتوالد وتكاثر مع كل "طلعة" شمس. 

الذين يؤيدون ترشيح العماد عون، أو بالأحرى الذين لا يمانعون انتقاله من اليرزة إلى بعبدا، يعتبرون أن "وقت الحديث الجدّي عن هذا الخيار لم يحن بعد"، على رغم اقتناع طرفي الخصومة السلبية أنه لا بدّ في نهاية المطاف من الوصول إلى هذه التسوية غير المباشرة، مع استمرار رفض "التيار الوطني الحر" وصول العماد عون إلى بعبدا، محاولًا "تسويق" مرشح بديل قد يحظى، برأيه، بموافقة ولو مشروطة من قِبَل جميع الأطراف. إلاّ أن هذا التحرّك لا يمكن أن يلغي حظوظ العماد عون، الذي لا يحتاج ترشيحه إلى تعديل دستوري، وذلك استنادًا إلى سابقة انتخاب العماد سليمان كعرف يمكن السير به حين تنضج "التسوية"، وحين تكتمل حلقات تدوير الزوايا، والتي تتطلب، في رأي بعض الأوساط، المزيد من الوقت، وإن كان الحديث عن مهلة زمنية غير بعيدة، قد تصل إلى منتصف الربيع المقبل، حديثًا واقعيًا وموضوعيًا، أقّله بالنسبة إلى ما تتطلبه "الاستدارة" من وقت طبيعي في مثل هكذا حالات. 
المصدر: خاص "لبنان 24"

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...