وفي اليوم الخامس انتهت المهمّة الأوروبيّة في قصر عدل بيروت: هل يضيع حق لبنان بالاموال؟

 

عند الرابعة والنصف من بعد ظهر الجمعة أنهى الوفد القضائي الأوروبي من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ مهّمته في قصر عدل بيروت بعد جلسات مطوّلة بدأت صباح الإثنين مع شهودٍ طُلب الاستماع إليهم في جلسات ترأسها المحاميان العامّان التمييزيّان ميرنا كلاس وعماد قبلان في حضور القضاة الأوروبيّين.

جلسات الإستماع إلى الشهود التي تمّت برمجتُها بمعدّل اثنين في اليوم الواحد توزّعت على نائبَين لحاكم مصرف لبنان ومديرَين في مصرف لبنان ومصرفيّين ومدقّقي حسابات أبدوا جميعهم تجاوباً مع الدعوات منذ تبليغهم وفقاً للأصول من قبل قسم المباحث الجنائيّة المركزيّة. اثنان فقط من اللذين تم تبليغهم تغيّبا عن الجلسات بمعذرةٍ، أحدهما مدقّق مالي في شركة عالميّة وآخر عضو في هيئة الرقابة على المصارف وعليه تقرّر أن تستمع إليهما المحامية العامة التمييزيّة القاضية ميرنا كلّاس في لبنان في مواعيد تحدّد لاحقاً على أن يصار إلى إرسال الإيجابات إلى الجانب الأوروبي فور مثولهما أمامها. 

أما المشتبه به الوحيد في قضية تبييض الأموال في الدول الأوروبيّة والذي لم يرِد إسمُه في التحقيق اللبناني ن.ع فسيمثل أمام القضاء في اللوكسمبورغ برغبةٍ منه.الجلسات كانت مطوّلة، بحيث كانت تبدأ بحدود التاسعة صباحاً ولا تنتهي قبل الرابع والنصف من بعد ظهر كلّ يوم باستثناء اليوم الأول التحضيري الذي استؤنفت أول جلساته عند الحادية عشرة والنصف من صباح الإثنين نظراً للتحضيرات اللوجيستية.

أُرهق الوفد الأوروبي وكذلك الجانب القضائي اللبناني نتيجة تتالي الجلسات التي لم تقُلّ كلُّ واحدةٍ منها عن السّاعتين ونصف السّاعة على مدى خمسة أيامٍ والتي لم تكن تخرقُها سوى استراحة غداء قصيرة. هذا عدا عن تدوين المحاضر وتنقيحها اللذين كانا يستغرقان وقتاً طويلاً قبل أن يصار إلى توقيعها في النهاية من قبل القضاة والشهود والكتّاب.بدا القضاة الأوروبيّون متحفّظين عن الحديث إلى الإعلام اللبناني عن مدى نجاح المهمّة، فكانوا يدخلون ويخرجون من قصر العدل بمواكبة أمنيّة من القوة الضاربة في شعبة المعلومات ومن الشرطة القضائية من دون حتّى أن يسُمح بالتقاط صورٍ لهم بناءً على رغبة الوفد. 

ومع انتهاء المهمّة بعد ظهر الجمعة اكتفى المعنيّون ببيانٍ رسميّ عمومي صدر عن النيابة العامة التمييزيّة جرى التأكيد فيه على استعداد الوفود القضائيّة لتنفيذ الطلبات التي يوجّهها لبنان إليها عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل بعد أن تعاون لبنان مع القضاء الأوروبي في إطار تنفيذ التزاماته في اتفاقية لبنان لمكافحة الفساد والقوانين اللبنانيّة الدّاخلية. في حين تشير مصادر قضائية لبنانيّة إلى أنَّ شبهة تبييض الأموال التي تحقّق فيها الدّول الثلاث تعزّزت بالقرائن وبنتيجة الاستماع إلى الشهود علماً أن الملف القضائي الأوروبي صلبٌ ومكتمل بحسب المصادر عينها.

مع الإشارة إلى أن الشبهة التي يتمّ التحقّق منها تتركّز على حوالات ماليّة تمّت عبر مصارف لبنانيّة إلى حساب شركة فوري التي يعتقد أنها وهميّة والتي يشتبه بأنها لعبت دور الوسيط بين مصرف لبنان والمصارف لبيع اليوروبوندز. لكنّ اللافت في هذا الإطار كان تأكيد أحد المصرفيّين أن شراء اليوروبوندز كان يتم بشكل مباشر من مصرف لبنان من دون أي وسيطٍ أو عمولة، ما يطرح علامة استفهام حول كيفية استيفاء الشركة التي يملكها شقيق حاكم مصرف لبنان، للعمولة.

غادر الوفد لبنان وفي جعبته مستندات من الملف القضائي اللبناني الذي طلب فيه مدعي عام التمييز غسان عويدات الإدعاء على سلامة وشركائه وقد تم تصوير المستندات بعد موافقة عويدات نفسِه وفي الموازاة ينتظر القضاة الأوروبيّون الحصول على مستندات كان طلب من الشهود تزويده بها خلال الجلسات، فيما لبنان يترقّب الموعد الثاني الذي سيحدّده الجانب الأوروبي للاستماع إلى دفعةٍ ثانيةٍ من الشهود.لكنَّ الخشية الكبرى تبقى من ضياع حقّ لبنان في الأموال الموجودة في المصارف الأوروبية ففي المرحلة المقبلة يمكن للقضاء الأوروبي الذي تقدّم في تحقيقاته أن يتّخذ قراراً بحجز هذه الأموال وعندها لن يكون للبنان أي حصّة منها لأن النيابة العامة التمييزية طلبت تجميدها لكنّ الدولة اللبنانية المتمثّلة بمجلس الوزراء ووزارة المال لم تعيّن محامياً في الخارج للمطالبة بإلقاء حجز على هذه الأموال. فهل يسارع لبنان إلى حفظ حقّه أم أن القضاء الأوروبي سيكون السبّاق في حال ثبوت الشبهة؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...