ماذا بعد هجوم باسيل على قائد الجيش؟

 

بدا من الواضح أن المشهد السياسي الحالي يسلك طريق التصعيد بشكل دراماتيكي، مترافقاً مع حملات بدأت تتجاوز الخطوط الحمر، ولا سيما الهجوم الكبيرالذي قاده رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل على قائد الجيش العماد جوزيف عون، في توقيت خطير في ظل الأوضاع الأمنية المتفلّتة، وحيث يبقى الجيش اللبناني الضامن للسلم الأهلي والمؤسّسة الوحيدة اليوم، والتي لا زالت تقوم بدورها على أكمل وجه، وذلك بفعل الدعم الذي تتلقاه من الجميع في الداخل والخارج، كونهم يدركون مدى أهمية وقدرة هذه المؤسّسة على الحفاظ على أمن اللبنانيين، وإن كان النائب باسيل يهدف من هجومه على قائد الجيش إلى السعي لحرقه رئاسياً.

وفي هذا السياق، ثمة معلومات، أنه وخلال اجتماع المجلس السياسي ل"التيار البرتقالي" الأخير الذي انعقد في ميرنا الشالوحي، نقل بأن باسيل هو من أشار للمجتمعين بذلك، في إطار تغيير قواعد اللعبة السياسية والرئاسية، وقلب الطاولة على من يُصرّ على تسمية العماد جوزيف عون، ومن ثم رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية، وفي موازاة ذلك، فإن اللافت في كلام باسيل إشارته إلى إعادة التفكير بالترشح إلى الرئاسة، بعدما سبق له مراراً أن أكد بأنه غير مرشح لرئاسة الجمهورية، وهذا ما ردّده أيضاً في اجتماع المجلس السياسي ل"التيار البرتقالي"، إذ تمنى عليه البعض من النواب العونيين المشاركين في اللقاء المذكور بأن يكون هو مرشح "التيار"، إلا أنه ردّ بالقول لست من سيخوض هذا الإستحقاق، ولنتركه للمرحلة المقبلة، دون أن يتبنى أياً من نواب تكتل "لبنان القوي"، بل جلّ ما أشار إليه أن لديه أسماء قد يعلنها في وقت ليس ببعيد.من هذا المنطلق، ثمة تساؤلات عما أراده باسيل من كلامه الأخير، وتحديداً تعرضه العنيف لقائد الجيش، فهل، وفق المعلومات التي يردّدها بعض النواب المخضرمين، استشف باسيل أن هناك حظوظ كبيرة للعماد جوزيف عون، ومن ثم لفرنجية، فأراد بداية توجيه رسالة لقائد الجيش من خلال هجوم قد يكون هو الأعنف من مسؤول سياسي على رأس المؤسسة العسكرية، والتي في الوقت عينه، تصيب هيبتها ودورها الأساسي والريادي في هذه المرحلة؟. 

تالياً ثمة ترقّب عما سيقوله عن رئيس تيار "المردة"، فهل وصلت إلى مسامعه إشارات توحي بانتخاب فرنجية، ولهذه الغاية أراد أن يبيع مواقف لمن يدعم هذا الترشيح من أجل أن يكون له حصة ودور في العهد الجديد؟ أم ضرورة انتظار الأيام القليلة المقبلة لما يمكن أن يقوله رئيس "التيار الوطني الحر" عن رئيس تيار "المردة"، وكل ما يتعلق بالإستحقاق الرئاسي؟.

وأخيراً، وحيال هذه الحملات التصعيدية، وما سبقها من اشتباك قضائي وبلبلة مالية واقتصادية وتوترات أمنية، يظهر أن ما يجري اليوم هو منطلقاً لما قد يفضي إلى تسوية رئاسية عبر المساعي الدولية والإقليمية، وترقب اجتماع باريس الخماسي وإن كان على مستوى مسؤولي الخارجية في البلدان المذكورة، أي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وعندها، وقبيل التوصل إلى التوافق والإجماع على شخصية لبنانية للرئاسة، فإن معظم الفرقاء سيُصعّدون من خلال المناورات السياسية، وفي طليعتهم النائب باسيل، الذي يستبق دائماً كل الإستحقاقات بحملات شعبوية، ولكن، وعَود على بدء، فإن حملته على قائد الجيش لا زالت موضع ترقّب واستنكار في آن، إلى حين أن تتبلور الصورة في الأيام القليلة المقبلة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...