لماذا يرفض جعجع لقاء باسيل؟

 

في السياسة، تتساوى الصداقة والعداوة بين الاطراف، وبقدر ما تقترب المصالح فيما بينهم بقدر ما ترتفع اسهم الصداقة على حساب العداوة، فيما العكس يبقى صحيحا.

بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، شيء من هذا القبيل ولكن ثمة ميزان طابش للعداوة يفرض الخصومة الدائمة بين نهجين مختلفين فرقتهما معارك وتاريخ دموي أثقل القرى المسيحية التي تتقاسم جرح الحرب الداخلية.

عندما قرر رئيس القوات سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمورية في اتفاق معراب، خرج صقور القوات معلنين رفضهم لهذه التسوية المُرة. قد يكون النائب السابق انطوان زهرا أول من دفع ثمن هذا الرفض وتم استبعاده، فالرجل كان يُدرك ان ما كُتب بالدم لا يُمحى بعبارات كلاسيكية مُذيلة بتواقيع تضمر مصالح فئوية، فيما المطلوب عملية غسل قلوب تبدأ مع الاجيال الجديدة، وهذا ما لن يحصل بين القوات والتيار حيث يروي كل طرف أفكاره بنكء جراح الطرف الآخر.

لا مشكلة بين رئيس القوات سمير جعجع ورئيس التيار جبران باسيل، ورغم استحضار كلا الطرفين تاريخ الآخر بقصد رفع "أدرينالين" الشعبوية، الا أن جعجع وباسيل يُدركان ان التسوية بينهما قد تأتي في أي لحظة عندما تتقاطع فيها المصالح، كما حصلت في السابق عندما نزل الوحي على معراب والرابية والتقى بطلا حرب الالغاء وقدما للبنانيين عيدية "المصالحة".

مرر جعجع في حديثه الاعلامي الاخير "pass" لرئيس التيار الوطني الحر، ووضع "دعم ميشال معوض"، كشرط للاجتماع به، وهو خطوة تعد متقدمة بعد ان كان جعجع رافضا بشكل قاطع للقاء باسيل كما كان رافضا من قبل لفكرة ترشيح عون لرئاسة الجمهورية عام 2016، وترك جعجع الباب مفتوحا على خيارات أُخرى عندما أبدى استعداده للقاء باسيل عندما "يجد شيئا مشتركا معه"، وهذا الشيء المشترك يمكن أن يكون مرشحا بمواصفات ميشال معوض وأن يكون الاخير في صلب النقاشات التي قد يتم البحث من خلالها مع القوى السياسية بمن فيها التيار الوطني الحر لاختيار مرشح قادر على جمع القوى المسيحية الاساسية وابرزها القوات والتيار.

لا تستبعد مصادر في التيار الوطني الحر، أن يكون هناك تنسيق مع القوات اللبنانية على مستوى النواب، ولكن ذلك لم يصل الى حد ترتيب لقاء بين باسيل وجعجع، مشيرة الى أن التيار عندما يقرر ترشيح شخصية محددة سيعمل على تجيير الاصوات لانتخابها في جلسات الانتخاب، مؤكدة ان التفاوض مع القوى الاخرى وتحديدا القوات اللبنانية ينطلق من قاعدة أن لكل طرف مرشحه وعليه فإن الاتفاق يكون على مرشح ثالث يجمع الطرفين.

بالنسبة للتيار لا يمكن التسليم بورقة القوات طالما ان الخيارات كثيرة ويمكن أن تصل في نهاية المطاف الى شخصية قادرة على استيعاب التباينات، ولكن في الاساس تؤكد المصادر لـ "ليبانون فايلز" أن مواصفات المرشح بالنسبة للتيار أقرب الى تلك التي ينادي بها عدد من الشخصيات المعارضة وقوى التغيير، ولا تبتعد عن هواجس القوات والامور تحتاج الى فتح باب الحوار كي نتمكن من الوصول الى ارضية مشتركة توصلنا لرئيس توافقي.

وتُذكر المصادر برفض القوات اللبنانية لقاء وفد التيار الذي جال على الكتل وسلمها ورقته الخاصة ببرنامج ومواصفات الرئيس العتيد للجمهورية، وتشير الى ان حديث رئيس القوات واستعداده للقاء رئيس التيار خطوة مهمة وموقف لافت قد يُلاقيه التيار بمواقف ايجابية عنوانها الوصول الى قاسم مشترك بين الفريقين للاتفاق على اسم جدي لرئاسة الجمهورية.
في المقابل تشير أوساط معراب الى أن الامور مع التيار "راوح مكانك"، مؤكدة رفض القوات للمناورات التي اعتاد عليها التيار في الاستحقاقات الكبرى، ورأت ان الدكتور سمير جعجع حريص على انتخاب رئيس اليوم قبل الغد ولكن بقدر حرصه على سد الفراغ الرئاسي، الا انه يرفض مشاركة اي طرف لايصال مرشح بأجندة تابعة لمحور الممانعة ويسعى الى توسيع مشروع حزب الله على حساب الدولة، والقوات تضيف الاوساط، متى وجدت أن التيار تخلى عن مواصفات رئيس أقرب الى تلك التي رسمها حزب الله، عندها يمكن الحديث عن لقاء بين جعجع وباسيل والتفاهم على اسم سيادي وطني.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...