قائد الجيش في لبنان.. علاج تقليدي للفراغ في رئاسة الجمهورية!


 في لبنان مقولة مفادها أن كل من يولد مارونياً هو مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية، في بلد يعتمد تقسيم مناصب الدولة العليا –والصغرى- على طوائفه الأساسية، فكيف إذا كان قائد الجيش مارونياً، يدغدغ المنصب أحلام تقاعده العسكري ومستقبله السياسي.

أربعة جنرالات وصلوا إلى منصب الرئيس. ثلاثة منهم اقتضى انتخابهم تعديل مادة في الدستور، بعد اتفاق الطائف، تحول دون ترشح موظفي الفئة الأولى للمنصب، فعدّلت مرة وتم تجاهلها في مرة أخرى، وسقطت بالأقدمية في مرة ثالثة بعد وصول جنرال سابق إلى المنصب. لكن هذا لا يعني أن قادة جيش آخرين لم يطمحوا بالمنصب، ومنهم قائد الجيش السابق إميل البستاني الذي قيل إن أحد أسباب موافقته على «اتفاق القاهرة» (1969) الذي شرّع العمل الفلسطيني المسلح في لبنان هو أمله بدعم الرئيس المصري جمال عبد الناصر له في معركة الرئاسة لاحقاً.

القاسم المشترك في عهود الجنرالات الأربعة الذين أصبحوا رؤساء أنهم أتوا نتيجة توافقات وعجز السياسيين عن اجتراح الحلول للأزمات التي تضرب البلاد، وللمفارقة، فإن ولاية كل منهم شهدت في منتصفها تغييراً في موازين القوى الدولية والإقليمية أدى إلى تبعثر في أوراق البلاد الممزقة.

ومع الفراغ الجديد الذي خلفه انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، من دون انتخاب خلف له في نهاية أكتوبر الماضي، بدأ اسم قائد الجيش الحالي العماد جوزيف عون بالظهور كمرشح جدي للرئاسة، في حالة مشابهة للحالات السابقة التي أنتجت رؤساء جاءوا من قيادة الجيش إلى قصر الرئاسة. وخصوصاً تحت ضغط الأزمات الحالية المركبة؛ من مالية واقتصادية وسياسية واجتماعية، حيث يشهد لبنان موجة من الانهيارات المتوازية على مختلف الصعد، في وقت تعجز الطبقة السياسية فيه عن إنتاج الحلول لكل هذه الأزمات.

الجيش يتعاطى مع الترشيح على قاعدة التجاهل التام للموضوع، فلا القائد مرشح ولا الجيش يخوض حملته الانتخابية، كما يقول مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط». ويؤكد المصدر أن تعليمات القائد حازمة بمنع الكلام عن هذا الموضوع «فهمّه الأساس اليوم هو تجنيب المؤسسة التداعيات الكارثية للأزمات التي تضرب البلاد، وليس في باله العمل السياسي». وفيما تنفي مصادر مطلعة على موقف المؤسسة العسكرية ما تردد عن إيفاده شخصية سياسية لبنانية إلى موسكو لاستمزاج الرأي الروسي من ترشيحه، تؤكد أن لقاء حصل بين قائد الجيش ومسؤول الأمن والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا، واضعة إياه في إطار اللقاءات الدورية مع الأطراف الفاعلة على الأرض، جازمة بأنه لم يتطرق إلى الملف الرئاسي من قريب أو من بعيد.

لكن هذا النفي لا يمنع أن اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون مطروح بقوة كمرشح بارز لمنصب الرئاسة، وهو يحظى بدعم محلي وخارجي، فيما يواجه «فيتو» من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وممانعة يقال إنها غير حاسمة من «حزب الله» على خلفية علاقته الطيبة بالأميركيين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...