الطبخة الرئاسية احترقت.. لا حوار ولا انتخاب

 

قبل أن يغطّ... طار. هو الحوار، أو الطاولة المستديرة التشاورية التي كرّر رئيس البرلمان نبيه محاولةَ عقْدِها، كـ «ممرٍّ جانبي» للانتخابات الرئاسية التي تصطدم بحائط مسدود تزداد أقفالُه الداخلية والخارجية فيما «بوابات جهنم» المالي - الاقتصادي تنفتح على المزيد من الانهيارات «المتوحّشة».

ومع توجيهه قبل ظهر أمس دعوةً الى عقد جلسة لمجلس النواب يوم غد «لانتخاب رئيسِ الجمهورية»، نعى رئيس البرلمان بنفسه المسعى الثاني الذي بَذَلَه منذ بدء الشغور الرئاسي (1 نوفمبر) لتوفير إطارٍ لـ «كسْر الصمت» بين ضفتيْ الموالاة والمعارضة، وهو ما خشيَ البعض أن يكون هدفه «إرداء» الاستحقاق بـ «كاتم للصوت» اسمه الحوار عبر تغطية التعطيل الحاصل للعملية الانتخابية وتأمين «مظلّة» لتمديد الشغور بحجة انتظارِ تفاهماتٍ من خارج الآلية الدستورية للانتخاب.

وكما في المرة الأولى التي أرجأ فيها بري (2 نوفمبر) «الدعوةَ للحوار بين الكتل النيابية للوصول لرئيس توافقي» وذلك «نتيجة الاعتراض والتحفظ لا سيما من كتلتي«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، فإن موقف الكتلتين المسيحيتيْن الأكبر كان هو المانِع لتحويل جلسة الانتخاب الرئاسية غداً إلى حوار تشاوُري كان رئيس البرلمان طلب إعطاء جواب حوله فإما تُفتتح الطاولة وإما تحضر صندوقة الاقتراع للمرة العاشرة والأخيرة في سنة 2022.

وجاء أول «ردّ رسمي» بالرفض من «القوات» التي أعلنت في بيان انها «ترفض رفضاً قاطعاً بما لا يحتمل أي لبس او تأويل أن تكون الدعوة إلى أي حوار، بمثابة تعطيلٍ واضح لموجب دستوري كانتخاب رئيس للجمهورية، او تمديدٍ غير معروف الأفق السياسي ولا السقف الزمني لواقع الشغور، كما هي حال الدعوة الى جلسةٍ للحوار يوم الخميس».

واعتبرت «ان استبدالَ جلسات انتخاب الرئيس من قبل مجلسٍ نيابي أصبح في حالة انعقادٍ لانتخاب رئيسٍ للجمهورية، يشكّل سابقةً دستورية خطيرة تحذّر القوات من إرسائها»، رافضة اتهامها برفض «فكرة الحوار والوقوف بوجهه»، وداعية لمساءلة «من يعطّل تطبيق الدستور ويمدّد من عمر الشغور الرئاسي».

وختمت «اذ تكرر القوات عدم رفضها مبدأ الحوار عندما يعقد في زمانه الصحيح، تطالب الرئيس بري بسحب دعوته الى الحوار والعودة الى نصوص دستورنا الواضحة من خلال دعوة البرلمان الى عقد جلسات مفتوحة لا تنتهي الا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية».

وكان رئيس «القوات» سمير جعجع أعلن في حديث صحافي أنه «إذا افتتح رئيس مجلس النواب الجلسة لإجراء دورة أولى بالتصويت وجاءت النتيجة غير حاسمة، ثم أعلن أنه سيترك الجلسة مفتوحة ليقوم بمشاورات خارجها مع رؤساء الكتل لحل الإشكال ثم ليعود ليستأنفها حتى انتخاب رئيس، نحن حينها مع إجراء هكذا مشاورات. اي أن الحوار هو عبارة عن محادثات جانبية وعن كلام وراء الكواليس لمحاولة إقناعهم على اسم ما ولكن ليس بطاولة حوار رسمية».

ولم ينتظر بري جوابَ «التيار الحر» الذي كان سيعلنه بعد اجتماع تكتله النيابي عصر أمس، فأصدر بيان تأكيدِ أن يوم غد سيشهد جلسة انتخابٍ رئاسية، وسط تعاطي بعض الدوائر مع انتقال رئيس «التيار الحر»جبران باسيل إلى قطر لمتابعة مباراتيْ نصف نهائي المونديال وربما النهائي على أنها امتداد لمناخاتٍ متردّدة حيال المشاركة في الحوار.

وإذ حَمَل أول نشاط لبري، بعد الدعوة لجلسة انتخابٍ ستُكْمِل العِشرية الأولى من جولات الوقت الضائع، استقباله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي اكتفى بالقول «وضعت رئيس البرلمان في أجواء كل لقاءاتي الايجابية في السعودية»، تتجه الأنظار لِما ستحمله وقائع محطة الغد في ضوء«الأبواب الموصدة»حوارياً والجدران الشاهقة التي ما زالت تعترض طريق أيٍّ من المرشحين المعلَنين أو غير المعلنين.

ويسود ترقُّب لِما إذا كانت أرقام مرشح المعارضة ميشال معوض ستتحرك نزولاً، وهو ما سيشكّل مؤشّراً إلى بدء «تبدُّل الأرضية» التي يقف عليها من داخل المعسكر الذي يدعمه، وربما تمهيداً لانتقالٍ يريده بعض أطرافه إلى «الخطة ب»، وأيضاً هل سيَمْضي «التيار الحر» في تهشيم كتلة الأوراق البيض في معرض توجيه الرسائل وخصوصاً إلى حليفه «حزب الله» بعدما رَفَعَ باسيل فيتو مزدوجاً على كل من المرشح الذي يفضّله الحزب اي سليمان فرنجية كما المرشح الذي أطلق إشاراتٍ إلى أنه «لا يمانعه» أي قائد الجيش العماد جوزف عون.

وثمة مَن يرصد في بيروت حركة باسيل المتكرّرة في اتجاه قطر، والتي تفيأت في الأسابيع القليلة الماضية «المونديال»، وسط انطباعٍ بأن الدوحة التي تستقبل شخصيات لبنانية أخرى، والتي زارها أخيراً قائد الجيش، تضطلع بدورٍ استطلاعي في الملف اللبناني لا تعارضه الولايات المتحدة ولا يجد أفرقاء وازنون في بيروت وبينهم «حزب الله» فيه ضرراً، ما دامت مفاتيح التحكم بالوضع اللبناني بالمعنى الاستراتيجي في يد الحزب الذي لا يمكن تجاوُزه من خلفه إيران في أي مفصل يتعلّق بـ«بلاد الأرز».

ويبرز في هذا الإطار انتظارٌ لِما إذا كان وجود الرئيس ايمانويل ماكرون مبدئياً في قطر، لمتابعة نصف النهائي التاريخي بين المنتخبين الفرنسي والمغربي سيشهد بحثاً للأزمة اللبنانية مع المسؤولين القطريين، وسط تقارير عن أن سيد الاليزيه الذي يشارك في 20 ديسمبر الجاري في مؤتمر بغداد - 2 في عمان، اختار عدم تفقُّد وحدة بلاده العاملة في قوة «اليونيفيل» في جنوب لبنان تفادياً لتوجيه رسالة تُفسَّر على أنها تغطية للشغور الرئاسي.

في موازاة ذلك، وفيما باشر نائب مساعد وزيرِ الخارجية الاميركي في مكتب شؤونِ الشرق الأدنى المعني بملف سورية وبلاد الشام إيثن غولدريتش، لقاءات في لبنان، برز إعلان السفارة الإيرانية في بيروت أنّ طهران «عرضت مرات عدة تقديم الدعم إلى الشعب اللبناني الشقيق لمساعدته على الخروج من أزمته، إلا أن أعداء لبنان عرقلوا ومارسوا الضغوط للحؤول دون وصول الأمور إلى خواتيمها الإيجابية، تحت حجج وذرائع واهية».

ولفتت في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أنّ «هؤلاء لا يريدون مساعدة لبنان ويسعون لمنع الآخرين من تقديم المعونة».

وأرفقت السفارة التصريح بمقطع فيديو يُظهر العروض التي قدمتها السلطات الإيرانية للبنان منذ 2009 في مجال قطاع الطاقة وآخِرها هبة الفيول، حيث أشارت الى أن وفداً تقنياً لبنانياً زار طهران في سبتمبر 2022 للمرة الاولى للبحث في إمكان الاستفادة من العروض الايرانية حول الكهرباء «لكن توقف استكمال المسار من لبنان الرسمي بذريعة العقوبات الأميركية وأخذ الإذن من واشنطن بحسب رئيس الوزراء نجيب ميقاتي».

ولم يُعرف اذا كان توقيت البيان يرتبط بزيارة ميقاتي للرياض ومشاركته في القمة الصينية - العربية واللقاءات التي أجراها خلال وجوده في المملكة.

ميقاتي: العين الأمنية الساهرة كشفت الكثير من العمليات الإرهابية قبل أوانها

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «أن لبنان من أكثر الدول التي عانت من الأعمال الإرهابية التي ضربتْ العديدَ من القطاعات والمناطق، لكنها قوبلت بحزم من قبل الجيش والقوى الأمنية»، كاشفاً أن «العين الأمنية الساهرة على الدوام تمكنت من كشف الكثير من العمليات الإرهابية قبل أوانها وتوقيف أفرادها».

جاء كلام ميقاتي خلال ندوة عن «آليات التنسيق في مكافحة الإرهاب» تنظّمها الحكومة اللبنانية بالتعاون مع «مشروع مكافحة الإرهاب المتقدم لأمن لبنان»، المموّل من الاتحاد الأوروبي وبمشاركة الدول المعنية بمواكبة هذا المشروع وهي إسبانيا، فرنسا وإيطاليا.

وقال «لقاؤنا يشكل تتويجاً لورش عمل مكثفة جرت في السرايا الحكومية، بعد أن تولّت الأمانة العامة لمجلس الوزراء مهمة التنسيق على مستوى 17 مؤسسة حكومية من وزارات وأجهزة أمنية لمواكبة مشروع المكافحة المتقدمة للإرهاب بكل مكوناته: الجريمة المنظمة، الأعمال الإرهابية، والجرائم السيبرانية وغيرها من التحديات التي تواجهها الدول بسبب الأزمات الاقتصادية والعوامل السياسية المنشطة للإرهاب. هذا الأمر نابع من قناعتنا بأن مكافحة الإرهاب ومعالجة مسبباته وتداعياته ليست فقط مسؤولية جهاز أمني او استخباراتي بعينه، بل تتطلب تعاوناً جماعياً وتوحيداً للخبرات والمعلومات، وتنسيقاً مكثفاً كما يحصل اليوم».

وشكر ميقاتي «الاتحاد الأوروبي وحكومات إسبانيا وفرنسا وإيطاليا على شراكتها الاستراتيجية مع لبنان في المكافحة المتقدمة لجرائم الإرهاب والجرائم الإلكترونية من خلال مشاريع عدة، بينها اللقاء الذي يعقد على مدى ثلاثة أيام».

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...