"خُلِص وقت المزِح".. كلمةٌ تقولها مصادر مقرّبة من "الثنائي الشيعي" تعليقاً على ما يريدهُ رئيس "التيّار الوطني الحر" جبران باسيل في الملفين الرئاسي والحُكومي.
في الواقع، كانت جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية، أمس الإثنين، بمثابة أوّل رسالة تحذيريّة من "حزب الله" نحو باسيل، وعنوانها إنّ التعاطي الذي يُمارس على صعيد رئاسة الجمهوريّة لن يتطوّر باتجاهِ رئاسة الحُكومة، والسبب الأساس هُنا لا يرتبطُ بطبيعة جلسات بل يتّصل بمقام رئاسة الحكومة الذي يسعى باسيل لتطويقه مُجدداً تحت حجّة الميثاقية وبذرائع طائفيّة.عملياً، يُدرك "حزب الله" أن إبداء رفضه المشاركة في اي جلسةٍ لمجلس الوزراء سيُرتّب عليه مسؤولية كُبرى أبرزها موافقته على "تعطيل" شؤونٍ طارئة. ولذلك، قرّر المشاركة، والمفارقة هي أنّ ما تقوله المصادر السياسية يُشير إلى أنّ الحزب لم يضغط على باسيل لثنيه عن قرار مقاطعة الجلسة، ما يعني أنّ الأول ترك الأخير لمصيره "سياسياً" وحكومياً، وبالتالي صوّره في خانة التعطيل مُنفرداً. وإثر ذلك، جاءَ القرار من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي رفض ضرب الجلسة والإصرار على عقدها، وقد كان ذلك تتويجاً لأمرين: الأول وهو التأكيد على أنّ حكومة تصريف الأعمال موجودة ولا يمكن لأي جهة ضرب حيثيتها، والثاني هو أن مقام رئاسة الحكومة لا يخضع للابتزاز الطائفي والسياسي.ما فعله "حزب الله" بالأمس قد يكونُ مقدمة لضغطٍ على باسيل للتنازل عن "العنجهيّة" التي يمارسها. هنا، قد يكونُ اكتمال نصاب الجلسة أمس دلالة على أنّ أي نية "تعطيلية" لباسيل ستتم مُجابهتها بقوّة. إضافة إلى ذلك، فإنّ ما جرى حكومياً قد يُترجم رئاسياً.. ففي حال استمرّ باسيل برفض الحوار الرئاسي والإصرار على ما يريده من شروط، عندها قد يُبادر الحزب للمُضي بعيداً عنه في انتخاب الرئاسة، ومثلما فعل بشأن نصاب جلسة الحكومة فإنّ بإمكانهِ تأمين النصاب أيضاً لجلسة انتخاب رئيسٍ يريدهُ، وبالتالي تهميش باسيل و "معاقبته".. ولكن، السؤال: هل سيحصلُ هذا الأمرُ حقاً؟
في المُحصلة، فإنّ ما جرى حكومياً بالأمس كان ترجمةً لتحرّك "حزب الله" رئاسياً. واليوم، ما يتضح هو أن المعرقل الأساس هو باسيل، لكن ما يظهر بشكل أكبر هو أن الحزب ما عاد يكترث لأي إحراجٍ قد يحصلُ بينه وبين باسيل، وهذا ما يمكن وصفه بـ"بداية فكّ الارتباط".