إجراءات مطلوبة من الغرب لإنهاء حرب بوتين الاقتصادية

 

جزء رئيسي من جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإعادة بناء الإمبراطورية السوفيتية هو هجومه على الاقتصادات الغربية فمن خلال استغلال اعتماد أوروبا على النفط والغاز الروسيين، يستخدم بوتين تضخم الطاقة كسلاح.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، "هذا يتيح له استغلال الاقتصاد العالمي على شفا الانكماش. إنه يهدف إلى استنزاف إرادة الولايات المتحدة وحلفائها لدعم المقاومة الأوكرانية. ما لم يتخذ الغرب تدابير الموارد الجانبية لمكافحة ارتفاع أسعار الطاقة، فيمكن لبوتين ان ينجح تم تعزيز قدرة بوتين على تمويل الحرب في مواجهة العقوبات الهائلة من خلال قطع إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا وتوسيع صادرات النفط إلى الصين والهند مدعومة بتخفيضات الإنتاج من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، حصلت روسيا على أرباح أعلى بكثير من عمليات التصدير منذ بدء الحرب. قد تكون حالة بوتين متأزمة، لكن إستراتيجيته للحرب الاقتصادية لا تزال فعالة. 

وتسببت آثار العقوبات الغربية والتلاعب الروسي بتدفقات الغاز الطبيعي والنفط في زيادة تضخم الأسعار الجاري بالفعل بسبب السياسة النقدية والمالية التوسعية. واستجابت البنوك المركزية، بقيادة الاحتياطي الفيدرالي، بتشديد نقدي شامل وسريع الحركة. لكن السلطات الأوروبية على وجه الخصوص متفوقة على التضخم، حيث أن المعدل المستهدف للبنك المركزي الأوروبي عند 1.5٪ لا يتناسب مع التضخم الرئيسي البالغ 10.7٪ في منطقة اليورو وحتى أعلى في الشرق".

وتابعت الصحيفة، "قد يكون الجمع بين أسعار الفائدة المرتفعة وانخفاض إمدادات النفط والغاز في الغرب قاتلاً فبريطانيا في حالة ركود وتواجه عدم استقرار سياسي تاريخي. كما أن معظم الدول الأوروبية في حالة ركود وألقت ألمانيا بكل حذر الميزانية في مهب الريح. كما وتواجه فرنسا جولة جديدة من احتجاجات السترات الصفراء والإجراءات التي تقودها النقابات. 

اليابان لديها أعلى مستوى من الديون في العالم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ولا يمكنها استخدام الحوافز المالية وربما تكون الولايات المتحدة في حالة ركود قريبًا، وسوق الخزانة لديها، وفقًا للوزيرة جانيت يلين، مهددة بفقدان السيولة الكافية ووفقًا للبنك الدولي، بلغت ضائقة الديون في البلدان المنخفضة الدخل أعلى مستوياتها منذ أكثر من 50 عامًا وكانت الصين هي المحرك العالمي للنمو بعد الركود العظيم، لكنها على وشك تحقيق نمو أقل في أفضل الأحوال، وفي أسوأ الأحوال أزمة مالية وفي مؤتمر الحزب الشيوعي الأخير، ضاعف شي جين بينغ من سياسات عدم انتشار كوفيد والاقتصاد الموجه المسؤولة عن التباطؤ".

وأضافت الصحيفة، "في ظل هذه الظروف، كما جادل وزير الخزانة السابق لاري سامرز مؤخرًا، فإن ارتفاعاً آخراً في أسعار النفط والغاز يمثل "ورقة لا يمكن التبؤ بتأثيرها السلبي... في ما يتعلق بالتضخم والركود". 

هذا هو الخطر الذي يستغله بوتين من خلال تلاعبه بإمدادات النفط والغاز والتهديدات بتصعيد الحرب، بما في ذلك الأسلحة النووية هذه التهديدات تثقل كاهل الأسواق المالية العالمية، ومتابعة التهديدات من شأنها أن تزيد من فرص حدوث ركود عميق وأعلن الاتحاد الأوروبي عن قطع صارم لواردات النفط والغاز الروسية ويحاول الوصول إلى اتفاق بين مجموعة الدول السبع وحلفاء آخرين بشأن حدود أسعار هذه السلع لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تريد الاحتفاظ بما يكفي من النفط الروسي في السوق لتجنب المزيد من الزيادات في الأسعار، بل إنها تفكر في فرض ضريبة أرباح غير متوقعة على شركات النفط والغاز. فبدلاً من تسهيل التدفق المستمر للنفط الروسي ضمنياً، يجب على الولايات المتحدة زيادة الإنتاج وغيرها من تدابير الموارد الجانبية. إن التحول الأكثر إلحاحًا في السياسة هو تشجيع الإنتاج محليًا وبين الشركاء الموثوق بهم".

وبحسب الصحيفة، "يمكن للولايات المتحدة أن تفعل ذلك من خلال منح الحوافز المالية وإصدار التصاريح اللازمة. ويمكن لأوروبا تعويض خسارة الإمدادات الروسية من خلال دعم تمويل وبناء البنية التحتية لمزيد من واردات الغاز الطبيعي المسال أو واردات خطوط الأنابيب من شمال إفريقيا وآسيا الوسطى يمكن للمملكة المتحدة والنرويج تكثيف إنتاج الموارد البحرية يجب على كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إعادة التفكير في ميلهما نحو إيران وإيجاد طرق لجلب المملكة العربية السعودية إلى نظرة أكثر إفادة بشأن إمدادات النفط وأسعاره وتمثل عائدات مبيعات النفط والغاز الآن حوالى نصف ميزانية روسيا، لذا فإن استبدال صادراتها سيجعل من الصعب على بوتين إطالة أمد الحرب. 

ثانيًا، تحتاج كل من الولايات المتحدة وأوروبا إلى تحفيز الموارد الجانبية للاقتصاد من خلال تقليل العوائق التنظيمية التي تواجه القطاع الخاص. وتشمل التدابير المفيدة تسهيل تصاريح تطوير البنية التحتية والتعدين، وتأجير الأراضي لتطوير الطاقة، وتقليل حواجز مكافحة الاحتكار أمام التوحيد الفعال للشركات. 

ثالثًا، بدلاً من الانخراط في سياسات الاكتفاء الذاتي لبناء تقنيات المستقبل وإنتاج المواد الخام اللازمة لها من خلال السياسة الصناعية، يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان والحلفاء الآخرين استخدام المزايا النسبية لبناء هذه التقنيات بدلاً من بدء حرب تجارية أخرى حول متطلبات المحتوى المحلي للسيارات الكهربائية أو دعم معدات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يجب على الحلفاء الغربيين توحيد الجهود لضمان عدم قدرة الروس وحلفائهم الصينيين على تقويض قوتهم الاقتصادية بشكل أكبر".

وختمت الصحيفة، "هذه التحولات في السياسة غير مرجحة في ظل قاعدة الحزب الواحد الحالية في الولايات المتحدة، ولكن التغييرات بعد انتخابات تشرين الثاني قد تفتح نافذة لتصحيح مسار الموارد الجانبية فمع حرب وحشية على أعتابها، وتباطؤ اقتصادي يلوح في الأفق، واعتراف متزايد بالطموحات الصينية لمساعدة روسيا، أصبحت أوروبا مستعدة لنهج جديد، بما في ذلك الانفتاح على إنتاج المزيد من النفط والغاز والطاقة النووية".

المصدر: خاص "لبنان 24"

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...