تشريع الضرورة: الخطأ لا يُبرّر بالخطأ

 

ترتدي المواجهة في المجلس النيابي طابعاً سياسياً بامتياز، كونها لا تأتي فقط تحت عنوان انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، ولكن تحت عنوانٍ أخطر، هو ترحيل هذا الإستحقاق، عبر فتح الباب واسعاً أمام سجالات دستورية وقانونية تتعلق بالتشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي، والذي تحذِّر منه الكتل النيابية المسيحية على وجه الخصوص، وذلك مع اقتراب موعد إنجاز اللجان النيابية المشتركة القوانين المتّصلة بخطة التعافي وهيكلة القطاع المصرفي و"الكابيتال كونترول".

وتُنذر هذه المواجهة بطرح سؤالٍ عن ميثاقية جلسات التشريع، وذلك في حال قرّرت الكتل المسيحية مقاطعتها، وبالتالي، مصير التشريع "الضروري"، كما بات يسمّى في الأوساط النيابية. ولكن قبل السؤال عن ميثاقية جلسات التشريع، يسأل الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك، عن "دستورية هذه الجلسات، لأن جلسات التشريع في حال دعا إليها الرئيس نبيه بري، ستكون غير دستورية أكثر ما هي غير ميثاقية، كونها قد تخالف المواد 74 و75 من أحكام الدستور".وأوضح المحامي مالك ل"ليبانون ديبايت"، أن المادتين المذكورتين، تعتبران أن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس جمهورية هو هيئة ناخبة، وليس هيئة تشريعية، والمادة 74 تنص أنه ابتداءً من 1- 11 "يُصبح مجلس النواب هيئةً ناخبة، ويقتضي عليه الإنعقاد حكماً وفوراً وبمقتضى الدستور، لانتخاب رئيس الدولة، وهذا فضلاً عن الميثاقية وعن افتقاد الميثاقية بسبب غياب المكوِّن المسيحي".

ورداً على سؤال، عن أكثر من سابقة تشريع قد حصلت في زمن الفراغ الرئاسي، يقرّ المحامي مالك، بأن أكثر من سابقة "تشريع ضرورة" حصلت، لا سيّما بين العامين 2014 و،2016 ولكنه يكشف أن "الخطأ لا يُبرَّر بالخطأ، وما شهدناه في العام 2014 حتى العام 2016 من بعض جلسات تشريع الضرورة لا يستقيم دستوراً، لأن كل تشريع هو تشريع ضرورة، وليس هناك مبدئياً من تشريع ضرورة وتشريع لا ضرورة من جهة، كما أنه، ومن جهة ثانية، فإن "الذهاب إلى تشريع مع غياب رئيس الدولة، خطأ فادح دستوري وميثاقي".

ويشدّد المحامي مالك، على أنه من الناحية المبدئية، رئيس الجمهورية، له صلاحيات بالتشريع، ومنها طلب إعادة النظر بالقانون، ومنها توقيعه ونشره، وبالتالي، فإن غياب الرئيس يؤثر حُكماً على مسار التشريع ويُمنع من إنجازه، ولذلك، فإن الضرورة القصوى تبقى لانتخاب رئيس جمهورية.

أمّا لجهة الإجتهادات الدستورية، فيشير مالك، إلى "الكثير منها، سيّما المتعارضة، ولكن تتوقف كلّ هذه الإجتهادات مع واقعٍ أساسي وموادٍ دستورية واضحة وصريحة، ولا اجتهاد في معرض النص طالما أن المادتين 74 و75 تنصّان على أن مجلس النواب يصبح هيئةً ناخبة لا تشريعية، وبالتالي، لا مجال للإجتهاد، ولا مجال للدعوة لأي جلسة تشريعية للهيئة العامة، وإلاّ نكون نخالف الدستور ونخالف ميثاقية التشريع، ونخالف أيضاً أبسط القواعد التي تقوم عليها الديمقراطية".

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...