"كلمة بِتحنّن و كلمة بِتجنّن"... الإعلام في لبنان تحت المجهر

 

نعم للحرية المسؤولة، الحرية مسؤولية، لبنان والحرية صنوان...

ضمن هذا المثلث، وبخلقية عالية، وحرص مهذب، وأمل مرتجى، احتضن وزير الاعلام زياد مكاري في وزارة الاعلام أمس، لقاء مع نقيب الصحافة ومديرين ورؤساء تحرير في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب الخاص والعام، للبحث أو بالأحرى لعرض ومناقشة، خطوط وعناوين عريضة، ترتكز عليها الحرية الاعلامية من قيم مهنية وأخلاقيات وسلوكيات، تتوخى الموضوع الأساسي للقاء وهو: الحرية المسؤولة ونبذ خطاب الكراهية، (خصوصا بعد سلسلة من وقائع سلبية حصلت خلال الأيام العشرة الماضية في هذا المجال)، في وطن اسمه لبنان، تبلغ فيه الآن، بعض الأجواء الاعلامية أجواء غير مسبوقة من الشحن والتربص المتبادل، والناتج جزء كبير منه، عن أجواء السياسيين والسياسة. مع العلم ان هذا اللبنان، عريق في تاريخه، بنشر كل ما هو لامع في الاعلام والثقافة والأدب والفلسفة وسواها، منذ تصدير الحرف والأبجدية، امتدادا الى إنهاض اللغة العربية في القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين، وضمنها نشر الصحافة والصحف في مصر ولبنان، وعدد من الدول الشقيقة، وصولا الى الولايات المتحدة وأوروبا...

في هذا اللقاء الذي برزت فيه مستويات حسنة للنقاش، لم تغب عن طياته أيضا، أجواء شبيهة بالأجواء السياسية السائدة في لبنان وإن كان بحد أدنى من نعوت يمكننا اطلاقها على طبيعة الأحوال السياسية، لكن الملاحظ والذي يسجل للوزير زياد مكاري، في نقاشه مع الحاضرين، أنه تحدث بكل انسيابية وأريحية، وفي الوقت نفسه بكل حرص على انتقاء جيد للمفردات والمصطلحات التي تخص تأكيد حرية أي فرد أو أي مؤسسة في التعاطي  مع التطورات ومع أي خبر وأي موضوع وأي ملف.وحتى عندما كان، خلال النقاش، يتلو تصورات عن موضوق اللقاء (الحرية المسؤولة ونبذ خطاب الكراهية)، وعن قيم مهنية، وسلوكيات، تصب في هذه الخانة، حاول مكاري، الابتعاد قدر الامكان عن مفهوم التوصيات، وإن كانت هذه العبارة وردت مرة واحدة ولماما في سياق الورقة بين يديه والتي أيدت الآتي:

١- التزام تعزيز فكرة الدولة، وتغليب الاعتبارات الوطنية على المصالح الفئوية.

٢- التركيز على القواسم المشتركة بين اللبنانيين، واستبعاد ما يفرق بينهم.

٣- احترام آداب العمل الاعلامي، ومراعاة الموضوعية والدقة والتوازن في عرض وجهات النظر.

٤- الحرص على عدم مس علاقات لبنان بالدول الشقيقة والصديقة.

٥- تنقية الممارسة الاعلامية من الشتم والقدح والذم وانتهاك الخصوصية عبر التعرض لحياة الأفراد الشخصية.

٦- الامتناع عن بث أو كتابة ما يغذي أو يكرس خطاب الكراهية.

٧- وقف الإثارة السياسية والعنصرية والطائفية والمذهبية التي يمنعها القانون وترفضها مواثيق الشرف.٨- مراعات الجانب الانساني في معالجة صور ومشاهد العنف.

الحرية مسؤولية...

نقاش مستفيض حصل خلال اللقاء، احتدام في آراء سجلت، موضوع مشروع قانون الاعلام ورد في السياق، الوزير مكاري سلّم بأن الإثارة في مواضيع العنف والشتم وما يجري بين السياسيين، تستخدمه الجهات الاعلامية في بعض الاحيان لرفع "الريتينغ" أحيانا أو غالبا، لكن مكاري أكد أنه لا يؤيد ذلك.

طريقة مناقشة وزير الاعلام، في اللقاء، تحمل على القول، إن دماثة وخلقية ومسؤولية مكاري، يمكن لأهل الصحافة والاعلام أن يغتنموها، ويساعدوا، في خفض الشحن، والكراهية، وحتى أن يساهموا في تعديل وإغناء مسودة قانون الاعلام المطروح.

إن لبنان، الذي طالما كان رائدا في الصحافة والاعلام والثقافة، والذي اقتدت به دول قريبة وبعيدة، هذا اللبنان، وبحسب تأكيد وزير الاعلام، تجد فيه وسائل اعلام أجنبية وعربية (التقى مكاري عددا منها في الآونة الأخيرة) وتجد بلبنان، مواد دسمة لمهنة المتاعب ولتلك الوسائل، بمجرد وجود هذا التنوع السياسي والصخب السياسي والاختلاف السياسي فيه...

السؤال: هل يستطيع الاعلاميون والصحافيون في لبنان في شكل عام، أن يرتقوا بمستويات ومسؤوليات الحرية المسؤولة، وبتخفيض خطاب الكراهية؟نختم المقال بالمثل المأثور:

"كلمة بِتحنّن وكلمة بِتجنّن"... ونزيد: لا للتحريض ولا للكذب، ونعم لتكون الحقيقة صديقة

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...