الحزب في واد ونوابه في وادٍ آخر

 

صُرف النظر مبدئياً عن دفن المواد المشعّة في جرود بلدة نحلة قضاء البقاع. السبب يعود لموجة الإعتراض الشعبية التي وصلت حدّ توجيه التهديدات من قبل بعض وجهاء العشائر. حصل ذلك كله في وقتٍ كان نواب "حزب الله" في المنطقة، يحتلّون مشهد الإعتراض، بينما الحزب نفسه كان من أشدّ المطالبين بنقل هذه المواد والتخلّص منها بأي طريقة.

منذ أعوام، تحتفظ الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بكميات من المواد المشعّة في مركزها الكائن على طريق مطار بيروت الدولي القديم، وتقوم بحفظها وفق المعايير المعتمدة دولياً. لم يكن الموضوع يثير الجدل لغاية كشفه منذ مدة. ولدواعٍ أمنية سواء إعتداءات إرهابية أو عدوان إسرائيلي، طالبَ مسؤولون في الحزب وحركة "أمل"، القيّمين على الهيئة، العمل فوراً على التخلص من هذه المواد بسبب خطورتها.عملياً، تمثّل هذه المواد خطراً وجودياً مُحدقاً بأكثر من مليون شخص يعيشون ضمن نطاق الضاحية الجنوبية لبيروت. وما عزّز من الخشية، وجودها على مقربة من مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين. ولكي لا تضيع الفكرة، لسنا بصدد توجيه الإتهام إلى أهالي المخيم، إنما الإحتراز يبقى ضرورياً في ظلّ حصول نشاط تكفيري سابق في المخيم، أو بمحاذاته تسبّب بتفجير هائل في برج البراجنة عام 2015.

ذلك، وعلى أهميته، لا يلغي فرضية الإستغلال الإسرائيلي لوجود هذه المواد، بعدما تم تسريب ذلك عبر الإعلام، وجعل من مركز تواجدها، هدفاً محتملاً في أي عدوان مستقبلي، أو هدفاً لأي عمل أمني تخريبي قد يؤدي إلى كارثة في الضاحية. من هذا الباب عمل الحزب على طلب سحب المواد إلى مكان آخر "آمن"، وللغرابة أن يعمل نواب الحزب على معاكسة توجيهات حزبهم بالدعوة إلى التمرّد في وجه محاولة طمر المواد في مناطق بعيدة عن الخطر واللجوء إلى الشعبوية.

بحسب "ليبانون ديبايت"، إن اختيار موقع الطمر في جرود نحلة، أتى وفق دراسة أعدتها قيادة الجيش بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية. وتذكّر مصادر مواكبة، بمقاطعة وزارة البيئة للدراسة والإجتماعات بشكل عام، وعدم القيام بأي دور في هذا الصدد، مؤكدةً شمول النقاط المقترحة على أكثر من موقع وعقار، تمّت تصفيتها لعدم مراعاتها للشروط ليتمّ الإستقرار لاحقاً على 3 عقارات تقع في منطقة جرود نحلة، أثبتت الدراسات أن معالجة المواد الإشعاعية ضمن المعايير الدولية من خلال دفنها في الأرض بعد تأمين المستلزمات من غرفة عزل وغيرها، لا يؤدي إلى أي تأثيرات سواء على المنطقة أو التربة أو المياه الجوفية أو غيرها، علماً أن طلبات أرسلت إلى دول عديدة لاستقبال هذه المواد لمعالجتها، من دون الحصول على موافقات، ما يعني أن لبنان أصبح ملزماً له بالإبقاء عليها لديه، والعمل على معالجتها ومتابعتها ضمن الشروط.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...