مقدمات وممهدات غير متوفّرة

 

أشارت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" الى انّ الحل للأزمة الرئاسية في لبنان يأتي من باب من اثنين، أو من البابين معاً:

 

الباب الأول، تسوية داخلية، لكنها في الحال الراهن خارج الحسبان، فبمعزل عن التوهم بالقدرات والاحجام، فهذا الامر تنفيه حقيقة ان كل الاطراف الداخليين محشورون بعدم قدرتهم منفردين على الحسم وإمالة الدفة الرئاسية في اتجاه معيّن. يضاف الى ذلك ان كل ما تُعتبر مساحات مشتركة بين الاطراف الاساسية مهدومة، والتقاء هذه الاطراف على حلول وسط بات اكثر من مستحيل واكثر من ذلك، اذا كانت ثمّة عقدة كبيرة تمنع التوافق على مرشح بين من يسمّون انفسهم سياديين، وبين خصومهم الممتدين من ثنائي حركة "امل" و"حزب الله" وصولا إلى التيار الوطني الحر وسائر الحلفاء، الا ان ذروة التعقيد قائمة بين "الثنائي" و"التيار"، جرّاء اصرار رئيس التيار النائب جبران باسيل على قطع الطريق على المرشح المدعوم من "أمل" و"الحزب" لأسباب يتداخل فيها السياسي بالشخصي. وخلاصة هذه الصورة المعقدة، ان باب التسوية الداخلية موصَد تماماً.


الباب الثاني، تسوية خارجية، ولكن اي تسوية رئاسية خارجية يفترض ان تقترن بمقدّمات تمهيدية لها ومتممة لها في الداخل، وهذه المقدّمات غير متوفرة حالياً، او بمعنى أدق لا توجد في الجو الداخلي المعقّد أرضية ملائمة لتقوم عليها أي تسوية خارجية قد يطرح البعض إمكان فرض تسوية على اللبنانيين، وهذا الامر بالتأكيد يدغدغ اذهان اصحاب منطق "غلبة فئة على فئة"، ولكن لنفرض انه مدرج في دائرة الاحتمالات، فمن يضمن أن يكتب النجاح لتسوية كهذه؟ الجواب بسيط، فواقع لبنان بتعقيداته واصطفافاته يدركه العالم الخارجي ربما اكثر من اللبنانيين انفسهم، ويدرك ايضا ان أي خطوة بالفرض، من شأنها أن تخلق وقائع غير محسوبة تزيد الواقع اللبناني تعقيدا وتفتحه على منزلقات رهيبة. 


فضلاً عن انّ العالم بأسره على دراية تامة بأن كل التسويات الرئاسية في لبنان ما بعد الطائف، تمّت بممهدات لبنانية داخلية لها. فعندما تتوفّر الممهدات الموضوعية تصبح في حاجة الى "لمسة خارجية" لبلورة الحل ومن دونها سيبقى الفراغ في سدة الرئاسة الاولى مراوحا لشهور وشهور، والبلد يغرق اكثر فأكثر في وحول الازمة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...