رئيس... أو فراغ بِلا رئيس... أو فراغ برئيس


 كتب قزحيا ساسين في "السياسة" :

ينتظر اللبنانيون رئيس جمهورية جديدا، تبدأ معه رحلة الخروج من جهنّم، واسترضاء تِنِّين الجوع الفاتك بهم كلّهم، ببعض المساعدات التي قد تأتي من الخارج، في حال رأت الدّول التي تبيع وتشتري، وفق مصالحها، أنّ حزب الله ومَن يلتزم بمشيئته السياسيّة على شيء من التراجع، وأنّ الفريق المعارض له، صاحِب الخطاب السياديّ على اتّفاق، لمساعدته في معركة استرجاع القرار اللبنانيّ الطويلة الأمد.

ويرى اللبنانيّون في صفقة الترسيم البحريّ بين لبنان وإسرائيل بوادر حلحلة جزئيّة، باعتبار هذه الصفقة تتمّ بإرادة أميركيّة وإيرانيّة وإسرائيليّة، وهي جدّيّة وثابتة، وإن رافقها بعض الخطاب السياسيّ المتوتّر، والتأجيل للتوقيع النهائيّ، وذلك لأسباب انتخابيّة إسرائيليّة، وصراع إسرائيليّ داخليّ على السّلطة.ومن الواضح أنّ حزب الله يستفيد دائما من استراتيجيّته الإعلاميّة ضدّ إسرائيل، ليستمرّ بجهاده السياسيّ في الداخل اللبنانيّ، المحميّ بالسلاح الخارج عن سلطة الدولة. 

وفي هذا المسار، لن يتوانى الحزب عن الضغط بكلّ قدرته لإيصال رئيس جمهوريّة، يستجيب لخياراته السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة. وفي المقابل، تقف القوى المتعدّدة سياسيّا، والمجتمعة، من حيث المبدأ، سياديّا، غير قادرة على التّوحّد، بسبب استئثار بعض منها بالخيار، لتبدو المعادلة، حتّى الآن، الدكتور سمير جعجع مقابل النائب جبران باسيل، والاثنان لن يكونا مرشَّحَين. والنائب ميشال معوّض مقابل النائب السابق سليمان فرنجيّه، في حين أنّ فرنجيّه قد لا يكون أكثر من وسيلة لسحب باسيل من ساحة المرشّحين، وفي حين أنّ معوّض قد لا يكون أكثر من وسيلة ناجحة في تمرير الوقت إلى أن تأتي ساعة الحسم، وقد يظهر آنذاك المرشّح الثابت.

إلّا أنّ ما لا يبشّر بالخير هو اعتماد سياسة "القَوطَبة" والإحراج الصّعب بين مكوّنات الفريق المتعدّد في مواجهة حزب الله وأتباعه. وقد يزداد المشهد تأزّما إذا كشف النوّاب السنّة ورقتهم، وكانت متطابقة مع أوراق الذين انتخبوا معوّض في الجلسة السابقة. ما يعني، في هذه الحال، محاولة جلب نوّاب التغيير إلى بيت الطاعة، بشكل لا يَقبله المنطق السياسيّ الديمقراطيّ، غير أنّ مَن يحاول دفع الأمور في هذا الاتّجاه يرمي إلى تدجين نوّاب الثورة إن استطاع أخذ أصواتهم بحجّة الأمر الواقع، أو إلى إحراقهم شعبيّا إن لم يسيروا في مرشّح "السياديّين".

وقد يكون نوّاب التغيير أخطأوا عندما لم يرفضوا، وبكلّ وضوح، ترشيح أيّ نائب من القوى "السياديّة"، مُعلنين أنّ بينهم أيضا من يرشّحونه، وليس ميشال معوّض، على سبيل المثال، أحقّ من أيّ نائب من بينهم بالترشّح. وحين يعلن التغييريّون هذا الرأي الموقف، حُكمًا سيتحوّل الجميع إلى البحث عن شخصيّة مناسبة، من خارج المجلس النيابيّ.

نحن أمام ثلاثة احتمالات: إمّا أن يكون لنا رئيس جديد، وإمّا أن يكون فراغ بِلا رئيس، أو فراغ في ظلّ رئيس جديد يقيم في قصر بعبدا.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...