اجتماع قصر بعبدا: هل كان أبغض الحلال؟

 

جاء في الأخبار:

دان الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي باجتماعهما للمرة الأولى منذ الأول من تموز لعيد الجيش والرئيس نبيه برّي. من دون صاحبيْ الفضل، ربما لم يكونا ليفعلا إلا أن من غير المؤكد كذلك أن اللقاء الثلاثي أنقذ تأليف الحكومة

كان حتمياً التقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في احتفال عيد الجيش. كذلك أن يكتفيا بالمصافحة بسبب قطيعتهما وخلافهما على تأليف الحكومة. أما اجتماعهما مع رئيس المجلس نبيه برّي في قصر بعبدا، فهو غير المحسوب حتى عشية عيد الجيش المفارقة أن الأول من آب 2022 ليس الأول في عهد الرئيس ميشال عون يصدف أن لا تكون ثمة حكومة، وأن يكون نزاع الرئيسين ناشباً أظفاره فيها حتى الأول من آب 2018 تعذّر على الرئيس المكلف سعد الحريري تأليف حكومة ما بعد الانتخابات النيابية عامذاك من بعده مرتان على التوالي، الرئيس نجيب ميقاتي رئيساً مكلفاً لم يتمكن من تأليف حكومته عند الوصول إلى الأول من آب 2021 ثم إلى الأول من آب 2022 ربما شجع على الاجتماع الثلاثي البارحة أن ثمة ضيفاً رابعاً سينضم إليهم، هو الموفد الأميركي الخاص عاموس هوكشتين، ما اقتضى إنقاذ الحد الأدنى من السمعة السيئة والمهدورة للدولة اللبنانية، كي يبلغوه أن الملف الوحيد المتفق عليه بينهم، حتى الآن على الأقل، هو الموقف اللبناني الرسمي من ترسيم الحدود البحرية اللبنانية - الفلسطينية إلا أن ليس هذا فحسب نهاية المطاف، لا للترسيم ولا لتأليف الحكومة بسبب البون الشاسع في ما يريده كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من الحكومة الجديدة، يمسي لقاؤهما غير ذي جدوى. لذا، على مر الشهر المنصرم، ما بين الأول من تموز والأول من آب، لم يُحرَز أي تقدم في جهود تأليفها، واستعيض عنها بحملات تطايرت من فوق رأسي الرئيسين من خلال المحيطين بهما أو رجالهما. كل منهم يدافع عن وجهة نظر مرجعيته.

لذا يُنظر بحيرة إلى الاجتماع الثلاثي البارحة، مستبقاً انضمام هوكشتين لجدول أعمال مختلف: هل قدم اقتراحات جدية لمعاودة عون وميقاتي جلوسهما إلى طاولة التفاوض على تأليف الحكومة؟ قبل الأول من آب كان رئيس البرلمان، عندما كان يُسأل في محيطه عن أسباب عدم تدخله في العقبات المانعة للتأليف، يكتفي بالقول إنه يتركها لصاحبيْ الصلاحية الدستورية المختصة في الغالب اعتاد برّي أن لا يتدخّل إلا عندما يدعى إلى التوسط. ذلك ما لم يحصل هذه المرة لو لم يكن المراد الاجتماع بالموفد الأميركي الخاص.مع كل ذلك الذي حدث، لم ترسل، على أثر اللقاء الثلاثي، أي إشارة إيجابية إلى تحريك للمأزق الحكومي. وهو ما يقتضيه اجتماع الرئيسين وحدهما. إلا أن المنطق يجعله يشترط تخلي كل منهما عن الخيارات المسبقة التي يتسلح بها، الحائلة على ما بَانَ حتى الآن، دون التوصل إلى تسوية بينهما.

كلاهما رابحان في الكباش الحالي. في وسع كل منهما أن يضرب بقبضته على الطاولة: إصرار رئيس الجمهورية على أن لا يوقع مرسوم حكومة ليست كما يتصوّرها ويريدها، وإصرار الرئيس المكلف أيضاً على أن لا يؤلف أي حكومة ليست على صورة حكومته الحالية. بين يدي كل منهما سلاح يصعب تجريده منه إلى موعد انتهاء الولاية: التوقيع الدستوري لعون، والتكليف المفوض إلى ميقاتي. بانتهاء الولاية في 31 تشرين الأول دونما انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا تعود ثمة حاجة إلى توقيع الرئيس الذي يكون غادر قصر بعبدا، بينما يفقد ميقاتي صفة الرئيس المكلف كي يستمر رئيس حكومة تصريف الأعمال. إذذاك يأتي، بعد حسابات الربح، أوان حسابات الخسارة: صحيح أن عون عندئذ يكون فقد موقعه الدستوري وأضحى رئيساً سابقاً للدولة، إلا أن الصحيح أيضاً أن حكومة تصريف الأعمال بصفتها متولية صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، لن تملك بالضرورة مَلَكَة الحكم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...