واشنطن: الاتفاق النووي لن يريح لبنان


 ببطء يسير قطار المفاوضات النووية في فيينا، حيث بين اليومين الماضيين ان كل المعطيات التي روج لها عن اتفاق وشيك سيبصر النور خلال ايام لا اكثر، لم تكن دقيقة بل مبالغا فيها، مع استمرار الجهود والاتصالات، من تحت الطاولة وفوقها، لعدم حرق "طبخة الاتفاق" والوصول الى تحقيق خرق "نووي" ايجابي، ولو بعد حين، وان ما زالت مواقف طرفي الاتفاق الاساسيين، رمادية توحي بأنهما يريدان الاتفاق "ولكن".

هذه الاجواء الضبابية، التي حجبت في احيان كثيرة وضوح صورتها التحليلات والتسريبات "المضللة" لاهداف باتت معروفة، عززت من سوداويتها بعض المؤشرات التي لا يمكن التغاضي عنها، وابرزها:

-الضربة النوعية، والاولى منذ أشهر، التي نفذها الجيش الاميركي ضد مجموعات ايرانية في منطقة دير الزور، بقرار مباشر من الرئيس جو بايدن، ردا على استهداف قاعدة التنف وسقوط جرحى اميركيين، التي اكدت ان مسار فيينا الدبلوماسي لا يعني ان التصعيد والخيار العسكري غير واردين في حال تخطي طهران الخطوط الحمر عبر تشكيلها تهديدا مباشرا لها ولمصالحها ولجنودها.

-زيارات المسؤولين الاسرائيليين المكثفة الى واشنطن، وابرزهم مستشار الامن القومي الاسرائيلي، الذي بحسب دبلوماسيين غربيين اطلع على الرد الاميركي قبل تسلم طهران له، والتي بدت بصماته واضحة في تبني الادارة الاميركية لاحد ابرز المطالب الاسرائيلية، القاضية باستمرار التحقيقات في وجود منشآت نووية ايرانية سرية، بدعم من وكالة المخابرات الاميركية، وهي النقطة التي قد "تطير" الاتفاق بالكامل.

-تكيثف الضربات الاسرائيلية في الداخل السوري واستهدافها لمواقع ايرانية في مناطق توصف بالحساسة، كمطار دمشق الدولي، ومرفا اللاذقية، دون اي تدخل روسي، بعد المعلومات المسربة سابقا عن تفعيل منظومات اس 400 للدفاع الجوي.-الوضع المتازم في العراق نتيجة التوازنات التي افرزتها الانتخابات النيابية الاخيرة وعجز الاطراف على الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، رغم كل محاولات الوساطة التي قامت بها اكثر من جهة، بما فيها قائد فيلق القدس.

-التعقيد الحاصل على صعيد تشكيل الحكومة في لبنان، وسط الحديث عن "غضب" الحارة ودفعها باتجاه الضغط لولادة حكومية وان "عا آخر نفس"،مقابل التنظيرات من اليمين واليسار المتقاطعة عند الفراغ الرئاسي، الذي ستدفع باتجاهه قوى التغيير، بدعم اميركي نكاية بباريس واتفاقها مع الحارة، لعدم رغبتها في وصول مرشح للثامن من آذار الى بعبدا من جديد،وامكانية استفادة رئيس الجمهورية من ذلك لتمديد ولايته بحكم الامر الواقع.لكن هل تكفي تلك المؤشرات للقول ان لا توقيع للاتفاق؟ وان التازيم الحاصل في لبنان يتجه الى مزيد من التصعيد والوضع الى انهيار دراماتيكي؟

مصادر ديبلوماسية اميركية تؤكد ان فرص نجاح التوصل الى اتفاق توازي فرص الفشل، مشيرة الى ان ما تم التوصل اليه مرتبط حصرا بالملف النووي، وباقفال ملف الاسرى والمعتقلين من الجانبين كبادرة حسن نية، اما كل ما يقال عن اتفاقات ملحقة "مخفية" فهو لا يعدو كونه كلاما في الفراغ، فلا واشنطن قدمت صك براءة لطهران للتحرك في المنطقة على حساب الحلفاء التقليديين، ولا الجمهورية الاسلامية ابدت استعدادها لتغيير سلوكها في الملفات المرتبطة بالمنطقة، لذلك فان استراتيجية واشنطن انطلقت من الفصل بين الملفات والتعامل على القطعة.

واشارت المصادر الى ان الملف اللبناني غير مرتبط كليا بموضوع الاتفاق النووي،رغم محاولات بعض اللبنانيين الايحاء بعكس ذلك، وما كلام الامين العام لحزب خير دليل على ذلك، خلافا لمواقف بعض القيادات المتخوفة من دفع بيروت ثمن اي اتفاق، خاتمة، بان مصلحة الطرفين الايراني والاميركي عدم ابرام اي اتفاق حاليا في انتظار وضوح صورة التوازنات الجديدة داخل الولايات المتحدة نتيجة الانتخابات النصفية،التي سترسم اتجاه مستقبل تلك القوة العظمى.

انطلاقا من كل ما تقدم، وفي عود على بدء، يمكن القول ان حزم واشنطن يؤكد ان لا مسايرة او هدنة او تراجعا امام ايران، لو مهما حصل معها في مفاوضات فيينا،على وقع استمرار شد الحبال بين الطرفين المعنيين، الباحثين عن تخريجة تخفف من ظهور اي منهما بمظهر المهزوم والمتراجِع عن شروطه.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...