واشنطن تقود "تهدئة" بين بيروت وتل أبيب

 

كان لا بدّ إثر جولة التصعيد الأخيرة في محيط حقل "كاريش" المتنازع عليه، أن يتدخّل الجانب الأميركي لمصلحة حليفه الإسرائيلي في محاولته لإنقاذ صيغة "المفاوضات الجوالة" التي يتولاها آموس هوكستين، بصفته وسيطاً أميركياً في ملف الترسيم البحري ما ترتّب عن جولة الإتصالات الأخيرة، لاسيّما بعد دخول المسيّرات على الخط، قد بيّن وجود مصلحة أميركية في إنجاز اتفاق، تكاد تفوق المصلحة الإسرائيلية بالفعل، إذ يمكن تصنيف تل أبيب كطرفٍ متشدد حيال الوساطة وترفض تقديم أي تنازلات جدية.

خلال جولة المباحثات الأخيرة التي قام بها هوكستين مع مسؤولين إسرائيليين في ملف المفاوضات غير المباشرة عبر تقنية الفيديو، تبيّن أن الإسرائيليين رفعوا شروطهم في مقابل الحل، ورفضوا القبول بمعادلة "قانا مقابل كاريش"، ورفضوا تسليم "الوسيط" موقفاً إيجابياً من الإقتراح اللبناني بتعريج الخط وجعله يدور حول حقل "قانا" جلّ ما تمكّن هوكستين من الحصول عليه، كانت اقتراحات إسرائيلية، تدور جميعها في فلك مشاركة وتقاسم الحقول مع لبنان على مبدأ البيع والشراء لاحقاً، تولت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، نقل ما توصّل إليه هوكستين في الجولة الأولى، من دون أن تعلن أن ما هي في صدد تقديمه يُعدّ "جواباً نهائياً". أمام هذا الواقع، طالب لبنان بتلقي الجواب خطياً مجدداً ثقته بالوساطة الأميركية.

إنما وعلى إثر تطوّر إرسال "حزب الله" لمسيّرات إلى محيط كاريش، إستشعر الطرف الأميركي خطراً على مسار المفاوضات، فكان لا بدّ من حركةٍ من أجل إنقاذ المسار المرعي من قبله. تدخّل موعزاً إلى المستوى السياسي اللبناني، إتخاذ موقفٍ ممّا جرى. قابله اللبنانيون بالموافقة وقد تولى كلّ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، صياغة ردّ مثّل نقطة خلاف داخلية، وتعارض مع البيان الوزاري للحكومة.

عندها، ومتسلّحين بالموقف الرسمي اللبناني، نشّط الأميركيون خط اتصالاتهم مع تل أبيب، في محاولةٍ لتدارك الأسوأ وعزل لبنان الرسمي عن تبعات التطورات العسكرية.
على ما يبدو، أثمرت الإتصالات في إعادة دفع المفاوضات إلى الأمام، وقد أتت بشكل متدرّج على الشكل التالي:

- بعد موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الخارجية، حضر موقفٌ ملطّفٌ من جانب رئيس الجمهورية ميشال عون أمس، بإعلانه أن "مسألة ترسيم الحدود ستنتهي قريباً والحلّ يرضي الجميع، ولو لم تكن الأمور إيجابية لأوقفنا التفاوض". يستهدف هذا الموقف الذي جاء من خارج المواعيد، تجديد الثقة بالوساطة الأميركية ويوحي أنه أتى من ضمن مسار مُستجدّ يعمل على ترسيخه.

- تزامن موقف عون مع موقف مسؤول إسرائيلي رفيع. ونقلت "كان" وكالة إسرائيلية عنه قوله إن "هناك احتمالية لإحراز تقدم كبير في ملف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان".

في موازاة ذلك، أُعلن في تل أبيب عن زيارة سيقوم بها هوكستين الأسبوع المقبل، لمتابعة النقاش حول آخر ما تمّ التوصل إليه في الملف. وبحسب الإعلام العبري، إن هوكستين سينضمّ إلى الوفد المرافق للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يزور تل أبيب الأسبوع المقبل، وسيعقد سلسلة اجتماعات مع وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار، ومع الفريق الذي يمثّل إسرائيل في المفاوضات غير المباشرة مع لبنان في محاولةٍ للمضي قدماً في جهود الوساطة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...