المعبر الإلزامي للحكومة "مسدود"


 قد يكون الهدوء الذي ساد على جبهة رئاسة الجمهورية والرئيس المكلّف في الساعات الماضية، مجرّد وقت مستقطع في مواجهة لم تبدأ بالأمس، ولن تنتهي غداً، مع رفض هذه التشكيلة وانكباب الرئيس نجيب ميقاتي على تشكيلته الثانية، والتي لن تكون الأخيرة فالنقاش الحكومي انتقل من بين الغرف المغلقة إلى الإعلام، ما عكس مناخاً من عدم الجدّية في الدرجة الأولى، وفق ما لاحظ وزير سابق شهد على تأليف حكومات عدة في السنوات الماضية.

وإذا كان المشهد الحكومي الذي تلا مشهدي الإستشارات النيابية الملزمة وأيضاً غير الملزمة، يحمل تعثّراً وانسداداً في المعبر الإلزامي لولادة الحكومات، فإن الوزير السابق، يتوقّع إمعاناً في التعثّر والإنسداد، بعد التشكيلة المقبلة أيضاً، وهو ما لن يشكّل مفاجأة لأي نائب أو مستوزِر، أو حتى مرجعية سياسية أو روحية، والذين يدركون في قرارة أنفسهم أن توزيع الأدوار ليس مصادفة، وأن المسرحية مستمرة، وإلهاء الرأي العام بنقاشات وسجالات عالية النبرة، يهدف إلى التغطية على الأزمة الأساس، وهي استمرار الإنحدار إلى القعر التالي من جهنّم.

فالحكومة الحالية التي تصرِّف الأعمال، هي كاملة الأوصاف بحسب ما قال رئيسها، ورئيس الجمهورية ميشال عون لن يوقّع على أية تشكيلة حكومية إن لم تراعِ توجّهات النواب والكتل النيابية الكبرى في المجلس النيابي، وبصرف النظر عن التجاذبات في هذا المجال ، فإن الوزير السابق نفسه، كشف عن عملية هدر للوقت ممنهجة، يتمّ خلالها تقاذف المسؤوليات، بينما الحلول في مكانٍ آخر، وهي تبدأ مع الإلتزام بالشروط الإصلاحية التي تحدّث عنها وفد صندوق النقد الدولي، وتغاضى عنها لدى التوقيع على اتفاق أولي مع الحكومة.

ولكن المعبر إلى هذه الإصلاحات، هو عبر تشكيل حكومة فاعلة، وهو ما سعى إليه الرئيس المكلّف من خلال التشكيلة "المستعجلة" التي اصطدمت بالتسريب المُتعمّد. وفي هذا الإطار، يشير الوزير السابق نفسه، أن ميقاتي أراد بالأمس، أن يحصر المشاورات بينه وبين رئيس الجمهورية، من دون أن يسمح لأي طرف بالتدخّل خلافاً للدستور، واعتمد تركيبة حكومية شبيهة بالحالية نظراً للحاجة إلى تأمين الإستمرارية بين حكومة تصريف الأعمال والحكومة الجديدة، في الملفات الأساسية، وخصوصاً المتّصلة منها بشكل مباشر بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

قد يكون من الصعب التكهّن بالخطوة المقبلة بعد ردّ رئيس الجمهورية تشكيلة الرئيس ميقاتي، كما يتوقع الوزير السابق نفسه، لا سيما وأن أخطاءً "مميتة" وردت فيها لجهة تغيير طوائف بعض الوزارات،، ولكن من المؤكد أن النقاش مستمر وكذلك الخلاف والإنقسام والإنحدار المالي والإقتصادي على مدى الأشهر الأربعة المقبلة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...