لن يسقط إلا بسقوط الدماء


 لا شيء غير التعطيل يخيّم على أجواء لبنان، لا بوادر خير ولا إشارات إيجابية تلوح في الأفق. بل العكس، كل ما نشهده يؤكد أننا مقبلون على فراغ لن يكون في رئاسة الجمهورية فقط، بل في جميع المؤسسات والدوائر الحكومية. هذا الفراغ القاتل قد يكون، وفق مراقبين، بداية سقوط ما يُعرف باتفاق الطائف، أو أقلّه قد يكون بداية نظام جديد يُعيد ترتيب البيت اللبناني الداخلي.

الفراغ الرئاسي المحسوم قد يأخذ البلد إلى تعطيل شامل على مستوى الرئاسة ومجلس الوزراء، وحكماً الوزارات والإدارات العامة، وقد يترافق أيضاً مع تعطيل نيابي لأسباب عدة أهمها عدم الإتفاق على "خليفة" الرئيس ميشال عون. هذا ليس كل شيء، فمن المتوقّع أن تزداد حدّة الأزمة الإقتصادية، وما ينتج عنها من ارتفاع نسبة الفقر والعوز والبطالة، ما يؤدي حكماً إلى تفلّت أمني وانفجار إجتماعي، لكن هل يسقط اتفاق الطائف وتذهب القوى السياسية إلى مؤتمر تأسيسي لصياغة حكم جديد؟مرجعية سياسية، تؤكد أن "ما من طرح جدي حتى الآن لتغيير دستور الطائف، وذلك، لسبب بسيط هو أن في لبنان خلافات سياسية كبيرة وأزمة اقتصادية تدفع الجميع إلى عدم التطرّق لهذا الموضوع".

وتوضح، أن "هناك طرفين في لبنان يريدان تغيير الطائف، حزب الله الذي من مصلحته نسف الطائف، لكنه يقوم بذلك على طريقته من خلال تجويف اتفاق الطائف شيئاً فشيئاً، وإدخال أعراف جديدة على الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية، بحيث أنه يضعف الطائف يوماً بعد يوم من دون أن يطرح مسألة التغيير، لأن هذا قد يؤدي إلى انفجار سياسي، وربما أكثر في الداخل.

الطرف الثاني، هو الرئيس ميشال عون الذي يعمل ويحاول تدمير الطائف، وهذا موقفه الحقيقي والدائم منذ إقراره عام 1989. لكن على صعيد آخر، الكنائس المسيحية تريد التمسّك بالطائف وتسعى للحفاظ عليه، لا سيما بكركي. الطائفة السنّية أيضاً متمسّكة بالطائف إلى درجة كبيرة، كذلك الطائفة الدرزية عبر الحزب التقدمي الإشتراكي.

بمعنى آخر، نسف الطائف إذا كان سيحصل، فسيحصل نتيجة انفجار داخلي سياسي وأمني وانفجار مؤسّسات الدولة وانهيارها بشكل تام ونهائي، بحيث أن هذا الأمر يمكن أن يكون المعبر له مواجهات ذات طابع أمني. وبالتالي، تغيير الدستور في لبنان يحتاج إلى دم، وهذا الأمر ليس على جدول أعمال أي طرف من الأطراف.

فيما يتعلق بنهاية ولاية الرئيس عون، حتى لو حصل فراغ، فإنه لن يكون الشغور الرئاسي الأول في لبنان. حصل في عدة مراحل ويمكن أن يحصل مرةً جديدة. وإذا كان عون يدفع نحو الفراغ بالتنسيق مع "حزب الله"، هذا حتماً سيضرّ بالموقع الرئاسي ولن يضرّ الطائف، لأن المشكلة ليست بقضية الطائف، بل لأنه لم يطبّق كما يجب، وبقي منقوصاً.

أمّا عن المؤتمر التأسيسي، تؤكد المرجعية، أنه لا يزال كلاماً غير واقعي. ليس هناك حديث جدّي عن مؤتمر تأسيسي سوى في بعض التسريبات الإعلامية من هنا وهناك، لكن ليس هناك أي تفكير واقعي بمؤتمر تأسيسي يهدف إلى تغيير الدستور، هذا لن يحصل على دم بارد، بل يحصل على صفيحٍ ساخن يتمثل بحصول مشاكل في الشارع، تؤدي إلى سقوط ضحايا ومواجهات بين مجموعات مسلّحة، وهذا أمر غير وارد على أجندة أي جهة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...