تشريع التواطؤ: هكذا فخّخ البرلمان قانون سرية المصارف!

 أقرّ مجلس النواب في هيئته العامة الأخيرة قانون سرية المصارف، وهو واحد من 4 قوانين تشكّل ممرّا إلزاميا لتوقيع لبنان البرنامج مع صندوق النقد الدولي، وسبق أن أبلغ منسّق المساعدات الدولية السفير بيار دوكان من التقاهم من مسؤولين في زيارته الأخيرة بضرورة إقرار هذه الحزمة الرباعية من القوانين وإلا ضاعت فرصة لبنان مع الصندوق.

لكنّ إقرار البرلمان قانون سرية المصارف شابه عيب كبير نتج من تقصّد تفريغه من بندين بارزين يشكلان أساسا للقانون المعّدل، وبنسفهما يكون النواب قد نسفوا إصلاحين رئيسيين في القانون:

-الأول يتعلق بإسقاط المفعول الرجعي عن الجرائم المالية، وهو ما يعني فعليا عفوا عاما ماليا عن كلّ الجرائم المرتكبة في الجمهورية الثانية السابقة لإقرار القانون. وهو عفو شبيه بالعفو العام الذي صدر غداة إقرار إتفاق الطائف وشمل رؤساء الميليشيات الذين إرتكبوا الفظائع زمن الحرب الأهلية. وتاليا، ثمة من يتقصّد طمس الجرائم المالية الكبرى التي إرتُكبت في حقّ اللبنانيين، على الأقل منذ الطائف حتى اليوم، وأطاحت بودائعهم ومدخراتهم وتسببت بالإنهيار الحاصل.
-والثاني يرتبط بإبقاء نوع من الحصانات على رؤساء الأحزاب والمؤسسات الإعلامية وصناع الرأي العام ممن إرتشوا أو استفادوا من مال المودعين الموهوب والمنهوب. إذ جرى إسقاط تسميتهم بالإسم في القانون بذريعة أنه يغطي جميع اللبنانيين، وأن لا داعي للتخصيص.واللافت أن هذين البندين سبق أن وردا في ردّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القانون، وتقصدت رئاسة المجلس إسقاطهما، لا بل مُنع نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي من الاعتراض أو حتى حقّه في النقاش.

وقد تنبّه التيار الوطني الحر للتفخيخ الذي تعرّض له القانون، فأعدّ على عجل في الجلسة التشريعية نفسها اقتراح قانون معجّل مكرّر لإدراج هذين البندين الأساسين في القانون المُقرّ حديثا، غير أن النائب القواتي جورج عدوان وعضو اللقاء الديمقراطي النائب مروان حماده اعترضا بذريعة أنه طرح إدخال البندين مُخالف لأصول التشريع وأنه لا بدّ من اعادة دراساتهما مليّا! من ثمّ لم يُطرح الإقتراح على النقاش بفعل المشاجرة التي حصلت بين نواب التغيير ونواب حركة أمل، والتي شكّلت حجة لتطيير الجلسة.

ويُنتظر ما سيكون عليه موقف صندوق النقد الدولي من عملية التفخيخ والتفريغ التي تعرّض لها قانون سرية المصارف.