مواجهة عون - ميقاتي... لمن الغلبة؟


 يبدو أن المواجهة بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، بدأت سريعاً هذه المرة، وذلك مع السرعة القياسية التي أقدم خلالها ميقاتي على تقديم تشكيلته الحكومية، مع علمه المسبق بأن هكذا تشكيلة لن تحوز على رضى عون، إلاّ أنه كان يهدف لضرب عصفورين بحجر واحد، الأوّل هو اظهار نفسه بموقع الشخصية القادرة على تحمّل مسؤولية الحكم في المرحلة الحالية، والثانية هي إظهار عون بمظهر المُعرقل لولادة الحكومة.

إلاّ أن الردّ العوني لم يتأخر مع الحديث عن تسريب دوائر القصر الجمهورية للمسودة الحكومية، فضلاً عن مطالبة قياديي "التيار الوطني الحر" بضرورة إعادة النظر بهذه التشكيلة.لقد عمد ميقاتي من خلال التشكيلة الحكومية إلى استفزاز فريق رئيس الجمهورية الذي سجّل العديد من الملاحظات حولها، أولى هذه الملاحظات هي استبدال وزير الطاقة وليد فياض بوزير مقرب من رئيس الحكومة هو وليد سنو، بالإضافة إلى حصر إسقاط نتائج الإنتخابات النيابية على الوزير الدرزي المحسوب على المير طلال أرسلان، حليف "التيار الوطني"، من خلال استبدال الوزير عصام شرف الدين بالسيد وليد عساف.

بالإضافة إلى ما تقدم، عمد ميقاتي إلى إبعاد وزير الإقتصاد أمين سلام، الذي يطرح نفسه رئسياً للحكومة، والمحسوب على الوزير جبران باسيل، ومحاولة إرضاء تكتّل "الإعتدال الوطني" عبر توزير النائب سجيع عطية، الذي يشغل منصب رئيس لجنة الأشغال العامة. بمعنى آخر، سعى ميقاتي لتوزير شخصية مسيحية غير محسوبة على "التيّار الوطني"، بدلاً من إعطاء هذا الموقع لنائب سنّي ضمن التكتل. كما عمد ميقاتي إلى استبدال وزير المالية يوسف خليل بالنائب السابق ياسين جابر، الذي يُعتبر شخصية شبه حزبية، في حين أنه يرفض توزير أي شخصية حزبية ل"التيار الوطني" .

هكذا، جاء ردّ رئيس الجمهورية على تشكيلة ميقاتي بالطلب منه إعادة النظر بها من خلال تحويلها إلى حكومة تكنو - سياسية، تجمع بين وزراء اختصاصيين وآخرين حزبيين، مع إمكانية توسيعها لتشمل ثلاثين وزيراً.

المبارزة بين ميقاتي وعون استُكملت من خلال نشر فريق رئيس الحكومة لجوٍّ إعلامي يُفيد بأن ميقاتي غير مستعجل لتشكيل الحكومة طالما أنه يشغل منصب رئيس حكومة تصريف الأعمال، والإيحاء في الوقت نفسه بإمكانية اللجوء إلى عقد جلسات لحكومته وتفعيلها على أكثر من نطاق. وبذلك، يكون ميقاتي قد نزع من رئيس الجمهورية إحدى أبرز نقاط قوته، والصلاحية شبه الوحيدة التي يملكها، وهي التوقيع على مرسوم الحكومة الجديدة من خلال انعدام فعاليتها.

في المقابل، فإن عون يضع نصب عينيه هدفاً واحداً، وهو ضمان دور سياسي وازن لفريقه السياسي في مرحلة ما بعد انتهاء عهده، وذلك من خلال محاولة كسب أكبر قدر من المكتسبات الحكومية، وهذا ما سيجعل عون أكثر تشدداً في الملف الحكومي في المرحلة المقبلة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...