الرئيس عون: سأخرج الغاز من البحر


 هي مسافة أشهر قليلة يترك فيها الرئيس ميشال عون قصر بعبدا الذي سكنه في الوجدان والجغرافيا لسنوات طويلة.ست سنوات على عهد رئيس جدلي بامتياز، قاد مرحلة صعبة وقادته الظروف الى المواجهة الحتمية قبل الطائف وبعده، ولكنه ظل مصرا على قراره وكأنه لا يزال في بزته العسكرية يُوجه عناصره في المعركة. 

العسكري الذي أراد ترويض السياسة، لم تسعفه التركيبة اللبنانية بالمضي قدما بتطبيق كل ما وعد به، ولكنه بقي على خصاله في خوض مغامرة الربع الساعة الأخير ورفض الاستسلام للخصم داخليا كان أم خارجيا، والرهان على التقلبات السياسية وأوراق الربح التي في جيبه للتفاوض عليها.

بالنسبة لقائد الجيش السابق، فإن المرحلة الراهنة هي مرحلة قوة لبنان في تفاوضه مع اسرائيل لترسيم الحدود البحرية، وينطلق الرجل في تفاؤله من وعد حليفه حزب الله بحماية تلك الحدود ولو كلف الامر مواجهة عسكرية مباشرة مع تل ابيب وهذا القرار حفزه على ابلاغ الجانب الاميركي شفهيا موقف لبنان من المبادرة الاميركية لانهاء ملف الترسيم مع علمه المسبق أن، وعلى عكس ما يُشاع، للبنان ورقة قوة يمكن أن تُكسبه مخزونا نفطيا مهما يضاهي مخزون اسرائيل شرط ادارة المفاوضات بطريقة سليمة وبموقف واحد أمام الطرف المفاوض.

نجح رئيس الجمهورية بالضغط على حزب الله لتقديم التنازلات وأبرزها اقناع الرئيس نبيه بري الالتزام بموقف بعبدا في عملية التفاوض وترك الخط 29 جانبا والتفاوض وبشكل حاسم على الخط 23 معدلا وحقل قانا كاملا، وتحت هذا السقف سمع الوسيط الاميركي الموقف اللبناني الواحد الذي أُودع لدى الرئيس عون ووقفت خلفه كل القوى والاحزاب في الداخل.وانطلق لبنان في مفاوضاته من حاجة اسرائيل للغاز والتي تساوي حاجة لبنان له للخروج من الأزمة، اذ أن اسرائيل تخشى التنقيب عن الغاز في حقل كاريش خوفا من رد فعل لبناني بعد أن تم ابلاغ الامم المتحدة والاوروبيين بقرار الحزب قصف السفينة في حال بدأت التنقيب ولم يتم حل النزاع، وجاء الرد الاسرائيلي العالي اللهجة وعلى لسان رئيس الاركان بقصف لبنان وبقوة، بعد تبلغ تل أبيب الموقف اللبناني في حال جُمدت المفاوضات واستمرت اسرائيل بالتنقيب.

سارعت الولايات المتحدة الى احتواء الازمة لأنها وان تفاقمت فستُعرض المنطقة لحرب اقليمية لا جهوزية لأحد لشنها، وبالتالي فإن الانسب للجميع الجلوس على الطاولة لحل النزاع، لاسيما وأن اسرائيل بحاجة الى حسم الملف سريعا لتوريد غازها الى اوروبا في الاشهر المقبلة في ضوء حاجة القارة العجوز الى الغاز الذي قُطعت امداداته عن قسم كبير منها بفعل الحرب الروسية الاوكرانية.في الضفة اللبنانية حرك الرئيس عون الاتصالات وكلف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب التواصل مع صديقه هوكستين، الذي بادر وبطلب من ادارته الى زيارة بيروت ولقاء المسؤولين لحسم الملف في مدة زمنية أقصاها شهر تحت طائلة التحرك اللبناني بحرا، وهو ما أبلغه حزب الله لمسؤولين اوروبيين الذين يفضلون الحل الدبلوماسي لاستخراج الغاز نظرا لحاجتهم اليه، اضافة الى أن أي ضربة لحزب الله باتجاه باخرة التنقيب اليونانية في كاريش ستكون قاسية على الجميع لاسيما اوروبا والولايات المتحدة حيث ينشغل هؤلاء بالحرب الاوكرانية الروسية وتداعياتها على الامن الغذائي العالمي.

في لبنان يردد مقربون من الرئيس ميشال عون أنه حاسم بشأن ملف الترسيم وأنه سيترك الكرسي الرئاسي في بعبدا وفي جيب لبنان ورقة التنقيب عن الغاز والتي ستبدأ مطلع العام المقبل، فهو مقتنع أننا عائمون على بحر من الغاز ودوره كرئيس للبلاد أن يخرج هذه الثروة من المياه ويضعها في يد اللبنانيين، وأن كل الحملات التي سيقت ضده لن تمنعه من حسم قرار التنقيب بعد وصول لبنان الى اتفاق مع اسرائيل برعاية أميركية في القريب العاجل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...