شفافية التصويت


 من أجواء جلسة اجتماع مجلس النواب لانتخاب الرئيس ونائبه والهيئة الادارية، نتساءل هل يصح الابقاء على التصويت السري للنواب. وللاشارة، فإنّ هناك فارقاً بين عملية الانتخاب والتصويت على القوانين، فالثانية هي علنية ولكن الطريقة التي تتم بها عملية التصويت على القوانين برفع الايدي عشوائياً، وعبارة «صُدّق» بطريقة سريعة، تجعل من المستحيل معرفة ماذا صَوّت كل نائب وعلى ماذا؟.

بالنسبة الى عملية الانتخاب يضمن الدستور كما معظم الدساتير في العالم، حق السرية في عملية الانتخاب لرئيس المجلس وغيره، ولكن اعتقد في لبنان اننا في حاجة الى إسقاط السرية من كل العمليات التي تختص بالدولة والقطاع العام، فيجب ان تكون كل القرارات على المكشوف لوقف اي اتفاقات تحت الطاولة، كما للتأكد من ان النائب يعكس ارادة الناخب في كل القرارت المتخذة حتى بالنسبة الى التحالفات السياسية وغيرها.

 

اما الاهم، فهو عملية التصويت على القوانين، من المستحيل ان تعرف كل نائب على اي قانون صَوّت، فيتم الاتفاق قبل الجلسة على سلة القوانين وتصبح الجلسة شكلية لإقرارها وهذا مخالف لأصول الديموقراطية، حَق الناخب اليوم ان يحصل على الشفافية المطلقة ويعرف النائب الذي أوصَله الى البرلمان على ماذا صوّت، وكيف وعلى ماذا اعترض. التصويت يجب ان يكون إلكترونياً مباشراً متصلاً مع منصة إلكترونية يستطيع المواطن مراقبة عملية التصويت. هذه العملية تجعل النائب يخضع للمساءلة والمراقبة، فالتوكيل الذي أُعطي له للدخول الى المجلس يربطه بالمواطن وليس باتفاقات وصفقات سياسية تحت الطاولة.

 

وكل نائب يرفض ان يصبح التصويت إلكترونياً وشفافاً تناسبه الضبابية في عملية التصويت ويساهم في تعزيز بيئة الفساد.

 

إعترضَ بعض نواب التغيير على النظام الطائفي في انتخابات المجلس، قبل الغوص بعناوين كبيرة، لماذا لا يجعل النواب التغييريون معركتهم تطبيق الشفافية في كل ما يتعلق بإدارة الدولة، بدءاً بقانون الشفافية المطلقة الذي ينتظر في المجلس النيابي ارادة حقيقية لإقراره؟.

 

علينا إسقاط كل ما هو سري في القطاع العام، فالسرية في اعمال الدولة تعني نية سيئة او التخطيط لما هو مخالف للقانون. فالتصويت السري لنائب يمثّل الشعب يشبه تحجّج مصرف لبنان المركزي بالسرية المصرفية.

 

أخيراً، أعلن الوزير سعادة الشامي ان لا فكرة لديه عمّا يقوم به حاكم المصرف المركزي ومن اين يأتي بالدولارات التي يضخّها في السوق، لم يعد مقبولاً الاستمرار في الغموض، فعلى رغم من فضيحة نَهب الودائع والانهيار المدوي لليرة والمعاشات والتعويضات، يستمر الحاكم في فرض اجراءات فردية وكأنه يعيش في قصر معزول، علينا فتح هذا الكهف لمعرفة الحقائق سريعاً، فكيف تقوم اللجنة المختصة بالتفاوض مع البنك الدولي وهي لا تملك أدنى التفاصيل عن أرقام المصرف المركزي؟ علينا البدء بنَشر كل تقارير شركتي «ديلويت اند توش» و»ارنست اند يونغ» على مدى 26 عاماً، وإخضاع كل اعماله للشفافية المطلقة.

 

الخطير هو الاستمرار في السكوت على كل ما يتم ارتكابه بحق الشفافية، ألم نتعلم بعد انّ غياب الشفافية أعطاهم سلطة مطلقة تجعلهم يتحكمون بنا وبمستقبلنا ولقمة عيشنا؟ ألم نتعلم بعد انّ المعرفة قوة، وانّ الشفافية تعطينا سلطة المراقبة والمحاسبة؟.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...