إنجازات أميركية مقابل خيبات صينية.. المنافسة تشتد على المحيط الهادئ


 برز المحيط الهادئ، بممراته الملاحية الرئيسية وموقعه الاستراتيجي، كنقطة ساخنة في تنافس القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين.

وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إن جزر فيجي، وهي دولة يبلغ عدد سكانها مليون نسمة، ويطلق على عاصمتها "سوفا" اسم "نيويورك المحيط الهادئ" أصبحت مركز الصراع الدبلوماسي بين بكين وواشنطن.وانتهى الصراع الأخير بين البلدين على النفوذ في المحيط الهادئ بانتكاسة لبكين عندما لم يتمكن وزير خارجيتها من تأمين اتفاق إقليمي لتعميق العلاقات الأمنية والتجارية سوى مع نحو ستة من دول المحيط الهادئ.ولكن في فيجي، ساعدت الأموال الصينية مؤخرا في بناء الطرق وناطحات السحاب، ويحذر كبار المسؤولين من أن وضع واشنطن كوسيط قوة رئيسي في المنطقة قد "ينزلق" إذا لم تكثف جهودها.

ونقلت الصحيفة عن إياز سيدخيوم، وهو المدعي العام في فيجي، قوله إن الأميركيين"يمكنهم أن يفعلوا الكثير في فيجي" ،مضيفا "الأمر لا يتعلق فقط بوجود ماكدونالدز في الجزيرة".وتوجت زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، موجة من النشاط الدبلوماسي الأخير لبكين.وفي فبراير استضافت فيجي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أول زيارة يقوم بها وزير خارجية منذ نحو 40 عاما لهذه الدولة.

وزار كورت كامبل، منسق مجلس الأمن القومي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، الجزيرة في أبريل، وقبل أيام من زيارة السيد وانغ، وصل وزير الخارجية الأسترالي الجديد، بيني وونغ.

واستندت علاقات واشنطن مع دول المحيط الهادئ إلى تاريخ مشترك يعود إلى الحرب العالمية الثانية وما قبلها.

ونقلت الصحيفة عن توني غروبيل، القائم بالأعمال الأميركي في الجزيرة قوله "لكي تزيد الولايات المتحدة من قوة موقفها، نحتاج إلى القيام بعمل أفضل في زيادة مشاركتنا الثنائية".ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود يمكن أن تضعف حملة الصين من أجل علاقات أوثق في المنطقة.

وتثار مخاوف من أن بكين قد تنشئ في نهاية المطاف وجودا عسكريا في جزر ذات أهمية استراتيجية بالقرب من الأراضي الأميركية.

وتنفي الصين اعتزامها إقامة قاعدة عسكرية في المحيط.

وقال نيتاني ريكا، المحرر السابق لصحيفة فيجي تايمز، إحدى وسائل الإعلام الرئيسية في البلاد، "نرى الصين في كل مكان"، مشيرا إلى أنه من الصعب "عدم ملاحظة" ناطحة سحاب غير مكتملة تمولها الصين في سوفا، هذا رمز لظهور الصين".

وقال مسؤولون صينيون إن مبادراتهم لا تشكل تهديدا لأي دولة وتهدف إلى مساعدة الدول النامية "الشقيقة" على تنمية اقتصاداتها.وشاركت الولايات المتحدة في بناء البنية التحتية خلال الحرب.

وبدأ العديد من مطارات المحيط الهادئ عمله كمهابط للطائرات للاستخدام العسكري.

ومع ذلك، فقد ضغطت الصين بقوة في العقود الأخيرة لتعزيز مكانتها، وسد فجوة في تمويل البنية التحتية وتعميق العلاقات مع قادة المحيط الهادئ، كما يقول بعض المراقبين السياسيين.

وفي فبراير، أصدر الوزير بلينكن استراتيجية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ دعت إلى تخصيص المزيد من الموارد الدبلوماسية والأمنية للمنطقة.

كما بنت إدارة بايدن تحالفات لمواجهة نفوذ الصين، بما في ذلك منصة اقتصادية تسمى الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وفي انتصار دبلوماسي للولايات المتحدة، كانت فيجي أول دولة جزرية في المحيط الهادئ تنضم إلى المجموعة.

وقال غروبيل إن الولايات المتحدة ستضيف موظفين في السفارة - التي تخدم حاليا خمس دول ، بما في ذلك فيجي - وتبحث في فتح سفارات في بعض البلدان التي لا يوجد لها فيها وجود دبلوماسي حاليا.

وقال إن المزيد من الموظفين سيصلون إلى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) التي ستكثف العمل لمساعدة دول المحيط الهادئ على التعامل مع تغير المناخ ويمكن أن تتوسع في مجالات مثل التنمية الاقتصادية والتعليم والرعاية الصحية.

وأضاف أن الولايات المتحدة تساهم بالفعل في المؤسسات المتعددة الأطراف التي تقدم المساعدات والتمويل لدول المحيط الهادئ، وتقدم المعدات وفرص التدريب لجيش فيجي، الذي ينشط في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وتساعد في توفير اللقاحات وغيرها من أشكال دعم الصحة العامة خلال الوباء.

وقال إنه بالنظر إلى المستقبل، يمكن أن توفر واشنطن المزيد من الفرص للناس في المحيط الهادئ للدراسة أو التدريب في الولايات المتحدة.

وأشار القائم بالأعمال الأميركي إلى أن العديد من الفنادق السياحية في فيجي هي سلاسل أميركية وأن الولايات المتحدة هي أكبر سوق تصدير في فيجي.

مضيفا "لدينا الكثير من القوة الناعمة".

وستفتح واشنطن سفارات في دول أخرى في المحيط الهادئ. وستكون إحداها في جزر سليمان، التي وقعت مؤخرا اتفاقا أمنيا مع الصين.

وقال غريوبل إن السفارة يمكن أن تفتح في وقت لاحق من هذا العام أو العام المقبل.

وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الصيني، لم يؤمن اتفاقا إقليميا واسع النطاق في قمة مع قادة المحيط الهادئ في فيجي، إلا أن الصين وقعت اتفاقيات اقتصادية ثنائية مع بعض الدول خلال جولته الأخيرة في المنطقة.

ويشمل ذلك كيريباس، التي حولت علاقاتها الدبلوماسية في عام 2019 إلى بكين بدلا من تايوان.

وتشمل الدولة هذه مساحات شاسعة من سلاسل الجزر، بعضها على بعد حوالي 1000 ميل جنوب هاواي.

وتحذر دول مثل فيجي نفسها، ومثل مايكرونيزيا، من تزايد النفوذ الصيني، وتطالب بكين بالنظر إليها على أنها "دول صغيرة صديقة" وليس "موطئ قدم".

وتقول الصحيفة إن كثيرا من الناس هنا لا يزالون منحازين للولايات المتحدة لكنهم "يرون العلم الصيني في كل مكان".

وتضع دول المحيط الهادئ المناخ على قمة أولوياتها، وقال بعض مسؤوليها للصحيفة إن المناخ يمثل "تهديدا وجوديا".

وتقول مجلة فورين أفيرز إن آخر مرة اهتم فيها معظم الأميركيين بجزر سليمان كانت في منتصف الحرب العالمية الثانية، عندما شنت الولايات المتحدة واليابان معركة بحرية طويلة في المياه والسماء المحيطة بغوادالكانال.

وكان لتلك المعركة الطاحنة آثار استراتيجية كبيرة الحجم - هي وقف التقدم الياباني في جنوب المحيط الهادئ، وضمان عدم محاصرة الدول الحليفة مثل أستراليا ونيوزيلندا أو عزلها عن الإمدادات، وعكس زخم الحرب في المحيط الهادئ، وتوفير قاعدة لشن هجوم مضاد ضد عدو شامل.

وفي إشارة إلى مئات الجزر الصغيرة المنتشرة عبر المحيط الهادئ، أوضح الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت للجمهور الأميركي حينها أن تلك الجزر في قد "تظهر فقط كنقاط صغيرة على معظم الخرائط... لكنها تغطي مساحة استراتيجية كبيرة".

وتقول فورين أفيرز إن اتفاق الصين مع جزر سليمان وجهودها للحصول على اتفاقات مماثلة مع دول أخرى في المحيط الهادئ دق أجراس الإنذار داخل المنطقة وخارجها.

وتضيف أن من المؤكد أن الصين لديها القدرة على توفير الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها في البنية التحتية في المنطقة، لكن السكان المحليين يشعرون بالقلق بسبب وجهة نظرهم الراسخة بأن الاستثمارات الصينية تتعلق بتعزيز مصالح بكين وإفساد السياسة المحلية وليس تلبية الاحتياجات المحلية.

وفي جزر سليمان، حيث قال أكثر من 90 في المئة من الناس إنهم يفضلون أن تتماشى بلادهم مع الديمقراطيات الليبرالية بدلا من الصين، وقال ما يقرب من 80 في المئة إنهم لا يريدون أن تتلقى بلادهم مساعدات مالية من الصين. 

وعلى الرغم من الادعاءات المتكررة من الصين بأنها لا تنوي إنشاء قاعدة عسكرية في جزر سليمان أو في أي مكان آخر في المنطقة، تقول المجلة إن سجل بكين الحافل وطموحاتها تشير إلى خلاف ذلك.

وفي كمبوديا وجيبوتي وباكستان وسريلانكا، بدأت الصين مشاريع البنية التحتية الكبرى التي أسفرت عن حصول الصين على إمكانية الوصول إلى الموانئ ذات الأهمية الاستراتيجية.

وتقول المجلة إن واشنطن تحتاج إلى تجديد اتفاقياتها الخاصة بالارتباط الحر مع ولايات ميكرونيزيا الموحدة وبالاو وجزر مارشال.

وعلى مدى عقود، سمحت هذه الصفقات للولايات المتحدة بالحد من وصول الدول الأخرى عسكريا إلى هذه الدول في مقابل ضمانات سياسية وتنموية ودفاعية أميركية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...