على شاكلة اللجان... حكومة "8 آذارية" وأكثر!


 لم يمضِ على الانتخابات النيابية اسبوعان حتى استعادت قوى 8 آذار السيطرة على الحياة السياسية، وقد بدا واضحاً من خلال انتخاب نائب رئيس المجلس واللجان النيابية الهيمنة الفاقعة لهذه القوى على البرلمان. طبعا، لم يكن ليحدث ذلك لولا خيانات بعض من خاضوا معاركهم الانتخابية بخطاب سيادي لا يُبغى منه سوى تحقيق الصدى الشعبي الذي يلقاه هذا النوع من "البروباغندا" بعد ان طفح كيل المواطن من الدويلة ضمن الدولة والسلاح غير الشرعي الذي اوصل البلد ليس الى جهنم وحسب، بل الى الدرك الاسفل منها.لا بدّ من التوقف هنا عند الـ 90 صوتاً الذي نالها كل من علي حسن خليل وغازي زعيتر في لجنة الإدارة والعدل بعد ان قطعا الطريق أمام اي احتمال يحوم حول رفع الحصانة النيابية لمحاسبتهما في جريمة العصر، فإذا استثنينا 58 صوتاً لقوى 8 آذار المطالِبة بالتحقيق بالعلن والناسفة له بالخفاء يبقى هناك 32 خائناً على الشعب اللبناني معرفة اسمائهم ليرموا بالاحذية!

خاضت الأحزاب السياسية معاركها الانتخابية تحت عنوان "معارك وجودية" من حزب الله الى حركة أمل والاشتراكي والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وما ان انتهت الانتخابات وامّنوا على مواقعهم حتى نكث بعض من ادّعوا انهم "سياديون" بوعودهم، بعكس ما فعلت قوى 8 اذار التي استمرت بمعركتها الوجودية ولم تستسلم لأنها تشعر بذلك فعلا، خاصة بعد الانتكاسة التي اصابتها، فعملت بجهد مضاعف خوفا من سحب البساط من تحت قدميها، وقد برز ذلك من خلال تماسكها واعادة فرض سيطرتها على هيئة المجلس النيابي واللجان.سيطل علينا عاجلا ام آجلا موعد الاستشارات النيابية الملزمة لإختيار رئيس يكلف بتشكيل الحكومة المقبلة، ومن المرجّح ان الاخيرة ستكون على شاكلة سابقاتها، ضاربة نتائج الانتخابات الاخيرة عرض الحائط وموقعة الشعب اللبناني بخيبة أمل بإعادة نجيب ميقاتي الممانع بلباس "سنيّ سيادي" ما يعني ايضا ان وزارة المالية ستبقى في يد الثنائي الشيعي، وبحجة محافظة الاخير على المالية سيطالب "التيار" بوزارة الطاقة وسيبقى القديم على قدمه والوضع العام على حاله.

تأمّل الشعب الحر بعد الخسارة التي اصابت الفريق الممانع بعودة الوضع أقله الى ما قبل اتفاق الدوحة، الذي فرضه "اليوم المجيد" كما أسماه السيد حسن نصرالله من خلال احتلاله بيروت في 7 اّيار وبأقل من ساعة، ضاربين "السنة" في عقر دارهم ومرهبين "الدروز"، ما استدعى اقامة مؤتمر مصالحة سُمي بإتفاق الدوحة، جرى خلاله تنازل مخزٍ من فريق 14 آذار لصالح حزب الله وفرض نظرية الثلث المعطل في حكومات الاكثرية الى جانب "تشريع" سيطرة كاملة لحزب الله على الحياة السياسة.

خرج سعد الحريري من المشهد السياسي وتضعضعت جماعاته في الانتخابات النيابية، فربح من ربح وخسر من خسر، وعوض تكتّلهم ضد الممانعة تراهم يقفون في صفوفها، وكأن النكايات السياسية التي مورست ضد من كان يعرف بقوى 14 اذار قبيل فترة الانتخابات ما زالت قائمة، غير اّبهين بوضع البلد المنهار، وكما يقول المثل "نكاية بجاري بحرق داري"، وبالمحصلة ستنضم أصواتهم الى أصوات القوى الممانعة.

أمّا الحزب التقدمي الإشتراكي الذي خاض فعليا معارك انتخابية وجودية وكما في جميع لقاءاته وعلى الشاشات وفي المهرجانات لم تفارق كلمة "سيادة" خطابه السياسي، تراه يصطفّ مجددا الى جانب قوى الممانعة، إما خوفا منهم وإما قناعة منه تحت شعار "الحفاظ على السلم الاهلي والعيش المشترك"، وقد هندس باسم هذا الشعار وليد جنبلاط الاتفاق الرباعي في الـ 2005 موقعا فريق 14 اذار في فخّه وفي الـ 2009 خاض الانتخابات مع 14 آذار وعند انتهائها انفصل عنها ليعود الى المنطقة الرمادية، وفي الـ 2010 سمّى نجيب ميقاتي خوفا من "القمصان السود"، فكما الأمس سيكون الغد وتحت الشعارات البالية نفسها سيضم صوته الى أصوات الممانعة.النواب المستقلين الذين فازوا من خلال شعارات ضد المنظومة وحملوا لواء السيادة في حملاتهم، ترى البعض منهم قد نسوا سريعا خطاباتهم تلك، ليدعموا الممانعة من تحت الطاولة خجلا من ناخبيهم، انما ذلك لن يستمر وسيعرف كل واحد منهم على حقيقته.

نواب " 17 تشرين" من جهتهم، يتعاطون في السياسة وكأنهم في لندن أو باريس او اي بلد حضاري آخر وهم مِمن "كبرت الخسة براسن بسرعة" تعاطوا مع الأمور السياسية بخفة لا تخلوا من الاستعراضات المبكية، او حتى بتعالٍ جعلهم يبدون وكأنهم من كوكب اّخر، ولسان حالهم يكرر مبدأ "كلن يعني كلن" بالرغم من ان لا مظلة فوق رأس أحد منهم.

ولهؤلاء نقول: هل تعلمون ان باتحادكم تستطيعون تشكيل حكومة توقف الإنهيار بدل الذهاب الى صفوف المعارضة والاكتفاء فقط بالأجواء الجديدة التي اضفتمونها داخل المجلس والتي تعتبرونها انجازاً؟ فكأن اللبنانيين اقترعوا لكم من أجل استعراضاتكم فقط ولتكون نتيجتها صفر حتى الساعة مقابل تسجيل النقاط للفريق الاخر، وها أنتم تلعبون دور "مواطنون ومواطنات"، كل ما فعلتمونه هو بمثابة تقديم الفوز على طبق من فضة لقوى الثامن من آذار، عوض مد اليد والتعاون مع فرقاء تتفقون معهم ولو بالقليل من الأمور. فكيف ستغيّرون الواقع وأنتم مستسلمون؟ حاولوا على الأقل تشكيل حكومة تستطيعون من خلالها فرملة الإنهيار وتحقيق ما كنتم تتكلمون به.

فإن كنتم لا تعلمون انكم عاجزون عن تحقيق أي شيء من وعودكم بوجود سلاح غير شرعي يحمي منظومة الفساد، فأنتم أغبياء، وإذا كنتم تعرفون بأن السلاح هو بالفعل المشكلة الاساسية في انهيار البلد ولا تتكلمون فأنتم جبناء، وإذا كنتم تعرفون بأن السلاح هو المشكلة الاساسية ولا تطالبون بوضع حد له فأنتم شركاء ومتواطئون، وفي الحالات الثلاث أنتم مرفوضون وكما جاء بكم الشعب الحر سيعيدكم الى حيث كنتم.لم يتبقَ سوى أقلية مؤلفة من بعض الشخصيات المستقلة الشريفة والى جانبهم كتلة القوات والكتائب الذين سيلتزمون بما وعدوا به الى حين عودة الحس الوطني والجرأة الى البعض، الذي نأمل ان يكون قريباً قبل المزيد من هجرة الشباب وفقدان قيمة العملة وانتهاء الدولة وفوات الاوان.

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...