ما هي خلفيات انفجار الخلاف بين القوات والحزب؟

 

رغم الصراع الكبير بين حزب الله وحزب القوات اللبنانية على الخيارات الاستراتيجية المرهونة في الدولة، الا أن البعض يؤكد تشابه الحزبين في كثير من الامور المتصلة بالتكتيك السياسي والمستوى التنظيمي داخل المؤسسة الحزبية.

كان حزب القوات قوة عسكرية في فترة الثمانينات لا يُستهان بها، وكان يمتلك معدات عسكرية في ذلك الوقت تُعد متطورة أكثر من اسلحة حزب الله الصاروخية اليوم، وبغياب الدولة استحدث حزب القوات مطارا وسيطر على جزء كبير من المرفأ وبنى مؤسسات اجتماعية واقتصادية مهمة واكبت المحازبين في المنطقة الشرقية ولاحقا تأصلت داخل الدولة بعد اتفاق الطائف، حيث سيطر عدد كبير من رجال الاعمال المحسوبين على القوات على السوق المالي من خلال الوكالات الحصرية. 

حزب الله الذي يسيطر بحسب القوات والاحزاب المعارضة، على الدولة اليوم ينتهج التفكير القواتي في ثمانينات القرن الماضي، فهو استرد جزءا كبيرا من القوة الاقتصادية والمالية ويمسك اليوم بمنظومة رأسمالية كبيرة تعمل بين لبنان ودول خارجية وسلط النمط نفسه بكيفية التعاطي مع بيئته التي وظف لها مئات المؤسسات لتكون بديلا عن الدولة، وكما استُحضر ابو عمار في ثمانينات القرن الماضي لشد العصب المسيحي، استُحضرت داعش اليوم واخواتها من "المجموعات التكفيرية" لشد العصب الشيعي والبقاء تحت جناح حزب الله القوة "القاهرة" القادرة على حماية ابن الجنوب والبقاع.

وفي التكتيك السياسي، يؤكد الحزب محاربته الفساد وأنه يمتلك من الملفات والمستندات ما يسجن دولة بكاملها، كذلك يتبرأ حزب القوات من المنظومة

السياسية الفاسدة ويقول إنه وكما الحزب شاركا في الحكومة ولكنه كان محاربا شرسا لكل المشاريع التي اشتم منها رائحة فساد، محيّدا نفسه عن الصفقات التي كانت تجري داخل الحكومة وعلى مرأى من وزرائه الذين كانوا يكتفون بالاعتراض.

وكما ركز حزب القوات اللبنانية على الاعلام كعنصر مهم في قلب الحقائق والتأثير المباشر على الرأي العام، كذلك فعل حزب الله الذي أخذ تجربة القوات ووظفها اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي عبر ناشطين وجيوشا الكترونية ومنصات يُشرف عليها لتكون المؤثر الابرز لكل نشاط على الساحة اللبنانية وتُسوق للمشاريع التي يريدها.

هذا التشابه "المضاد" لم يمنع تصاعد حدة الخلافات بين الطرفين، بعضها مرتبط كما يقول حزب القوات بتحول حزب الله الى دويلة تسيطر على الدولة وتمدده في السنوات الخمس الاخيرة على حساب مركزية القرار، وبعضها أيضا وهو الاهم مرتبط بانخراط لبنان بالخط الايراني الممانع وابعاده عن محيطه العربي. نقطة الخلاف الجوهرية هنا تكمن بالصراع الاقليمي على الساحة الداخلية حيث تسعى القوات الى استمالة الساحة نحو العمق العربي السعودي فيما يقاتل حزب الله لابقائه ايرانيا فارسيا مستخدما مختلف الوسائل.وجاءت أحداث الطيونة لتفجر الخلاف بين الاضاد، ووظفها حزب القوات لصالحه فأقصى من أقصاه عن الساحة السياسية ونصَّب نفسه زعيما للخط المعارض لحزب الله أو بصورة أدق للخط العربي السعودي، فكان الدعم الكبير لمعراب في الاستحقاق الانتخابي والتوظيف الأكبر لكل المفاتيح والماكينات ليقود رئيس الحزب سمير جعجع التحالف المنتظر في مجلس النواب وعلى الساحة السياسية، فيما انتظر حزب الله الفرصة المؤاتية لتنفيس احتقان شارعه الذي وعد القوات بالرد على احداث الطيونة ولو بعد مئة عام، فكان عنوان الحملة الانتخابية تخوين القوات وأسرألتها وتكفيرها،

فشُد العصب الطائفي جنوبا وفي البقاع وضغط الحزب على المرشحين الشيعة لسحبهم من لوائح القوات اللبنانية، فيما كانت أقلام الاقتراع في الدوائر المشتركة بين الحزبين ساحة لتصفية الحسابات من زحلة الى جزين وغيرها من المناطق. من كان متواجدا في تلك الاقلام أكد أن الاحتقان لدى جمهور حزب الله كان كبيرا جدا، حتى النسوة دخلت على خط الكباش في جزين، وهذا الامر وان نفاه الحزب ولكن وثقته عدسات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدته تصاريح المحازبين من الطرفين.

اليوم ندخل مرحلة جديدة بمجلس نيابي يضم القوات وحزب الله والتيار وأمل والمردة وكل الاطراف، ولكن هل سيهدأ هدير حملات التخوين بين الاطراف أم أنه سيستمر وستعززه المزايدات الشعبوية عند دراسة كل مشروع أو قرار... وهل الخلاف بين القوات وحزب الله قد ينقلب مصالحة على حساب مركزية الدولة وقرارها لصالح دويلات التقسيم الطائفي والمذهبي في المشروع العربي الاقليمي الكبير؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...