كرة الإنقاذ بيد السلطة وليس صندوق النقد

 

حملت تغريدة مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا حول أهمية أن ينفّذ لبنان الإصلاحات في الوقت المطلوب للحصول على تمويل من المجتمع الدولي، رسالةً واضحة إلى السلطة اللبنانية عموماً، وتحديداً إلى المجلس النيابي الجديد الذي سيُنتخب بعد أيام. 

لكن على أرض الواقع، فإن هذه الإصلاحات ما زالت معلّقة، على الأقلّ إلى فترة زمنية غير قصيرة بعدما عجزت الحكومة الحالية، كما المجلس النيابي، عن تنفيذها وتوجيه رسالة جوابية إلى الصندوق، بأن السلطة قرّرت ونفّذت، وفق ما يكشف الخبير الإقتصادي غسان أبو عضل، الذي استغرب أن يمرّ عامان ونيّف على بدء البحث بالإصلاح من دون تحقيق أي خطوة عملية، مؤكداً أن الأيام العشرة الفاصلة عن موعد الإنتخابات قد لا تحمل أي تطوّر في هذا المجال.

وحذّر الخبير أبو عضل، من الإستمرار في صرف الأموال تحت عدة ذرائع، بدلاً من العمل على اتخاذ المبادرة، لأن الكرة اليوم في ملعب لبنان والقرار عنده وليس عند صندوق النقد.وقال لـ "ليبانون ديبايت"، إن الخطوط مفتوحة بين الحكومة وإدارة الصندوق، وهو ما تأكّد في الإجتماع الأخير بين نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ومديرة الصندوق،

وبالنتيجة، فإن موقف الصندوق ثابت، ويتعامل مع كل دول العالم بمنهجية واحدة، وإن كانت لكل دولة خصوصيتها، بينما في الأزمات التي تشبه الأزمة اللبنانية، هناك أمور محدّدة وبرنامج جاهز يتمّ تعديل بعض التفاصيل فيه، ولكن صندوق النقد لا يعدّل في طريقته في التعامل لجهة تقديم أي تساهل مع لبنان.

ولاحظ أبوعضل، أن المفاوضات بين الصندوق والحكومة قد استغرقت وقتاً طويلاً، وكان من المطلوب أن تنتهي خلال شهر أو إثنين، ولكن التقدّم بطيء جداً، علماً ان الحلول موجودة ، والمجتمع الدولي لم يتخلَّ عن لبنان، وهو مستعد للمساعدة، ولكن كلّ ما يطلبه هو أن تعمل السلطة اللبنانية بطريقة علمية مقنعة وشفّافة، من أجل إنجاز العمل مع الصندوق ولكن، منذ الأزمة إلى اليوم، تمّ تشكيل حكومتين من الأكثرية نفسها والكتل النيابية ذاتها أيضاً ولم يتمّ إنجاز أي إصلاح، بل على العكس، تراجعنا أكثر، ولذا، فإن أي تغيير في تركيبة المجلس النيابي أو الحكومة، قد يؤدي إلى تفاهم بين كل الأطراف السياسية، من الممكن أن يسمح بالعبور إلى الإنقاذ.

وشدّد أبو عضل، على أن الأهمية في نجاح الإتفاق مع صندوق النقد، هو بأن هذه الخطوة تفتح المجال لاستعادة الثقة بلبنان من قبل المجتمع الدولي والمستثمرين العرب والأجانب، وبالتالي، ليست المليارات التي سيدفعها الصندوق مهمة بقدر ما هو تعزيز الثقة الخارجية والدولية بلبنان.

وأوضح، أن هذا الأمر يبدو صعب المنال اليوم، لأن شروط الصندوق معروفة منذ العام 2017، وكان يجب أن تُنفذ في ذلك الوقت، وليس في ال2019، فمؤتمر "سيدر" كان قد اشترط الإصلاح، وكانت شروطه أقلّ قساوة من متطلّبات صندوق النقد، كما أن المبالغ التي كان سيحصل عليها لبنان، تتجاوز مليارات الصندوق الثلاثة، ولكن لبنان فشل في الحصول على المليارات وعطّل مؤتمر "سيدر" فكانت كارثة 2019 الإقتصادية.

ورأى أن سيناريو اليوم، يشبه إلى حدّ كبير سيناريو 2017، ولكن ما هو غير معلوم، هو حجم الوعي لدى المسؤولين من أجل تنفيذ الشروط والمتطلبات الضرورية للحصول على دعم الصندوق، خصوصاً وأن الظروف اليوم هي أصعب من الظروف التي كان يواجهها لبنان في لدى انعقاد مؤتمر "سيدر".

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...