قنابل عشوائية وسهام مميتة.. توثيق لـ "جرائم الحرب" في أوكرانيا


 بعد 4 أيام فقط من بدء روسيا حربها ضد أوكرانيا، وبالتحديد في منتصف ليل الأول من مارس الماضي، أسقطت طائرة تابعة للقوات الجوية الروسية، سلسلة من 250 كيلو غراما من متفجرات مصممة لضرب أهداف عسكرية مثل تحصينات العدو والمخابئ فوق مدينة بورودينكا الهادئة، التي لا تضم أصلا مثل هذه المباني، بحسب صحيفة "الغارديان".

ألقيت هذه القنابل القوية من طراز (فاب- 250)، المصممة من العهد السوفيتي، على 5 مبان سكنية على الأقل في المدينة  الواقعة شمال العاصمة، والتي يبلغ عدد سكانها 13 ألف نسمة فقط، مما أدى إلى شطرها إلى نصفين بينهما فجوة كبيرة، وإزهاق أرواح العشرات الذين تم انتشال جثثهم من بين الأنقاض لاحقا، بعد أن انسحب الروس من المنطقة في أوائل أبريل، تاركين مسرح جريمة عملاق، يحقق فيها المدعون الأوكرانيون، فيما يصفونه بـ"جرائم حرب" ارتكبتها القوات الروسية. وبالإضافة إلى تلك الجرائم التي يحقق فيها المدعون الأوكرانيون، بما في ذلك استهداف المدنيين عمدا وقتلهم وتعذيبهم، استخدت القوات الروسية أسلحة غير مشروعة ومحرمة دوليا، بحسب التقرير.

قنابل عشوائية

وقالت صحيفة "الغارديان" إنها زارت بلدات وقرى صغيرة شمال كييف دمرت خلال فترة الاحتلال الروسي لها وحتى الانسحاب في بداية أبريل، وراجعت الأدلة التي جمعها الأوكرانيون، على استخدام القوات الروسية أسلحة مثل ذخائر "عشوائية" غير دقيقة، وقذائف السهام المعدنية، والقنابل العنقودية، مما أدى إلى مقتل مئات المدنيين.

وأشارت الصحيفة إلى أن قذائف (فاب- 250) هي من بين القنابل التي استخدمها الروس بكثرة في المدن الأوكرانية في إقليم كييف، مثل بوتشا، وهوستوميل، وبورودينكا.ووفقا للمحققين، فقد تم تدمير ما لا يقل عن 8 مبان في بلدات شمال كييف بواسطة هذه القنابل القوية غير الموجهة (العشوائية)، والتي تم إسقاطها جوا، مما تسبب في مقتل المئات. 

وتعتبر هذه القنابل غير دقيقة بشكل كبير، واستخدمها الاتحاد السوفيتي السابق إلى حد كبير في حربه في أفغانستان، ثم استخدمتها روسيا في سوريا بعد أن بدأت تدخلها العسكري لمساندة النظام هناك في 2015، حيث يتشابه الدمار الذي خلفته هذه القذائف في بورودينكا، بشكل كبير مع المباني المدمرة في مدينة حلب. ورغم أن روسيا تقول إنها تحاول تدمير أهداف عسكرية، باعتبار أن هذه القنابل مصممة لاختراق التحصينات السطحية والخنادق، فإن الأدلة التي جمعتها أو راجعتها صحيفة "الغارديان" خلال زياراتها إلى بوتشا، وهوستوميل، وبورودينكا، والتي تم التحقق منها بشكل مستقل من قبل خبراء بالأسلحة، تُظهر أن هذه القنابل أُسقطت على المباني السكنية والبنية التحتية المدنية.

سهام معدنية

كما اكتشف علماء، وأطباء شرعيون، يجرون تشريح الجثث التي عُثر عليها في مقابر جماعية في المنطقة الواقعة شمال كييف سهاما معدنية صغيرة مغروسة في رؤوس الضحايا، وصدورهم. 

وبحسب الصحيفة، فقد أكد خبراء الأسلحة المستقلون الذين راجعوا صور الأسهم المعدنية أنها كانت تماثل سلاحا مضادا للأفراد، استخدم على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الأولى.

وأطلقت هذه السهام المعدنية الصغيرة من قذائف ميدانية، أطلقتها المدفعية الروسية على سبيل المثال في بلدتي بوتشا وإيربين، حيث يمكن أن تحتوي كل قذيفة على ما يصل إلى ثمانية آلاف سهم، تتوزع على نطاق واسع، بشكل عشوائي. 

وعند الاصطدام بجسم الضحية، يفقد السهم الصلابة وينحني على هيئة خطاف، في حين أن مؤخرة السهم، المكونة من أربع زعانف، غالبًا ما تنفصل وتسبب جرحا ثانيا. 

ورغم أن هذه السهام المعدنية ليست محظورة بموجب القانون الدولي، علما بأن جماعات حقوق الإنسان تسعى منذ فترة طويلة إلى حظرها، فإن استخدام الأسلحة الفتاكة غير الدقيقة في المناطق المدنية المكتظة بالسكان يعد انتهاكا للقانون الإنساني.

كما عثرت صحيفة الغارديان أيضا على عدد من القذائف المسمارية في إيربين، حيث قال العديد من السكان إنهم عثروا عليها مسمَّرة في سياراتهم.

وعرضت الصحيفة بعض الصور التي جمعتها من الميدان على مجموعة "بلينغكات" الصحفية الاستقضائية غير الربحية، التي أكدت بدورها، وجود قنابل عنقودية في البلدات والقرى التي يحتلها الروس في أوكرانيا.

وكشف انسحاب روسيا من منطقة كييف في أوائل أبريل عن أدلة على وجود قنابل عنقودية، وهي قذائف أو قنابل تطلق العشرات من الذخائر المتفجرة الصغيرة، التي ظهرت بوضوح، في حطام السيارات، أوالشوارع، والمباني المدنية، وفي الجثث. 

وهذه الأسلحة محظورة في أكثر من مئة دولة، ليس من بينها روسيا او أوكرانيا أو الولايات المتحدة، بموجب معاهدة عام 2008 تسمى اتفاقية الذخائر العنقودية، تم إطلاقها في مناطق ليس بها أفراد عسكريون ولا بنية تحتية عسكرية.

ونفت موسكو مرارًا استهداف المدنيين، وقالت إن المزاعم الأوكرانية بارتكاب جرائم حرب "ملفقة".

وصممت الذخائر الصغيرة الموجودة في القنابل العنقودية لتطلق على مساحة واسعة، والمشكلة الكبرى فيها أنها تترك وراءهـا عـادة كميات كبيرة مـن المخلفات غير المنفجرة التي تودي عشوائيا بحياة عدد أكبر مـن المـدنيين، في منطقة واسعة، مما يشكل خطرا عليهم في المستقبل، بحسب مقال على موقع الأمم المتحدة، للمدير العام السابق لخدمات الدفاع القانونية في قوات الدفاع النيوزيلندية، كيفين ريوردان. 

وقالت صحيفة "الغارديان" إنها عثرت على صاروخ عنقودي روسي بالقرب من قرية زراعية في هوستوميل، وشظايا من زعانف الذيل من القنابل العنقودية "أر بي كيه-500"، مشيرة إلى أن تأثيرها كان شديدا للغاية، لدرجة أنها أصابت عددا كبيرا من الحيوانات وقتلتها في بعض الحالات. 

وقضى المحققون في بورودينكا، أياما لإخراج عشرات الضحايا الذين دفنهم أقاربهم على عجل في مقابر محلية أثناء القصف، العديد منهم، وفقا للسلطات، قُتلوا بالقنابل العنقودية، حيث تم العثور على شظايا من هذه الذخائر وقد غرست في الجثث. 

ويتم جمع هذه الأدلة لإضافتها إلى ملف جرائم الحرب التي سترسلها أوكرانيا إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. 

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...