محاكاةٌ في بيروت لاتجاهات التصويت الاغترابي... وتتمته اليوم في 48 دولة

 

جاء في الراي الكويتية:

بدت بيروت، أمس، في «استراحةِ مُحارِبٍ» بين جولتيْ انتخاباتِ المغتربين، الأولى التي أقيمت الجمعة في 9 دول عربية وإيران، والثانية التي تشهدها اليوم 47 دولة أجنبية إضافة إلى الإمارات العربية المتحدة، وذلك على مرمى أسبوعٍ من «الأحد الكبير» في 15 الجاري الذي تُفتح فيه صناديق الاقتراع للمقيمين بلبنان في يومٍ يَعتقد كثيرون أن ما بعده لن يكون كما قبله، سواء حَمَلَ الاستحقاقُ النيابي تغييراتٍ في الميزان السياسي أو بقي «القديم على قدمه» على صعيد الغالبية البرلمانية التي يقودها «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحلفاؤهما.

وشكّلت انتخاباتُ الجمعة، في الجغرافيا العربية والخليجية خصوصاً، «تمريناً» إدارياً - لوجستياً وسياسياً يُنتظر أن تكتمل فصوله اليوم مع المحطات الأخرى ولا سيما في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وأفريقيا، ليُبنى بعدها «على الشيء مقتضاه» لجهة استخلاص معاني وأبعاد نِسب الإقبال على الاقتراع وتَوَزُّع الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم على الدوائر الـ 15، رغم أن «شيفرة» هذه الأرقام ستبقى مصانة بـ «السرية الانتخابية» وتُحفظ في مصرف لبنان المركزي حتى 15 الجاري، وهو اليوم الذي تُفتح فيه صناديق الاغتراب وتُفرز مع سائر أصوات المقيمين.ومع إقفال انتخابات الجمعة في الدول الـ 10 على نسبة اقتراعٍ ناهزت 59 في المئة، يَجْري رصْد إذا كان هذا الرقم سيرتفع في الجولة الثانية من تصويت المغتربين اليوم بما تتجاوز معه النسبة الإجمالية في مختلف دول الانتشار ما سُجل في أول دورة يُمنحون فيها حق المشاركة العام 2018 وكانت 56.4 في المئة، وذلك قبل الانطلاق في عملية «محاكاةٍ» لتأثيرات هذه الأرقام على المسار العام للانتخابات بعد أسبوعٍ وفق «إسقاطاتٍ» افتراضية تنطلق من خريطة تَرَكُّز المقترعين وانتشارهم ولا سيما في «الدوائر الحمر» ناهيك عن تَوَزُّعهم الطائفي الذي يكتسب هذه السنة أبعاداً مختلفة في ضوء تَحوُّل المشاركة الوازنة للمكوّن السني أو انكفائه عن الانتخابات أحد المعايير المُحَدِّدة لوُجهة النتائج وتوازناتها المحتملة.أرقام متقاربةورغم أن نسبة الاقتراع في «جمعة المغتربين» بدت متقاربةً معها في 2018، فإن هذا الأمر ولو انسحب على جولة اليوم فإنه يُفترض في رأي دوائر مراقبة أن يُقارَب بما هو أبعد من النسبة المئوية، باعتبار أنها تُقاس في 2022 على كتلة من المسجَّلين للاقتراع تناهز 3 أضعاف الذين كانوا مؤهّلين للانتخاب في الخارج العام 2018 وكان نحو 83 ألفاً في مقابل نحو 225 ألفاً في هذه الدورة.

وفي رأي الدوائر، فإن هذا يعني أن 135 ألف صوت أو أكثر (وهو الرقم الذي يتوقع أن ترسو عليه أرقام الخارج هذه السنة) ستكون كفيلة بإحداث فوارق أكبر في النتائج العامة مما ساهم فيه الـ 46 ألفاً و 799 الذين اقترعوا قبل أربعة أعوام، ولا سيما إذا صبّت هذه الأصوات «بلوكات» لمصلحة أحزاب في دوائر محدَّدة أو لقوى التغيير من المجتمع المدني، مع حدّ أدنى من التشتيت والعشوائية في التصويت «غير المستهدَف» وفق كل دائرة، بحيث ان رسْم «بنك أهداف» للناخبين يمكن أن يقلب معادلاتٍ فيكون إنزال الصوت محسوباً وفق رغبة إسقاط مرشح (وتالياً فريق) أو ضمان فوز آخَر.

ترقب ثقيل

وفي أي حال، وبانتظار ما ستحمله جولة اليوم الانتخابية التي تشمل نحو 190 ألف ناخب مسجَّلين في الدول الـ 48 بينهم نحو 25 ألفاً في الإمارات العربية المتحدة (وهو أعلى رقم بين كل الدول العربية)، فإن جانباً آخر لا يقلّ أهمية تحوّل محط رصد دقيق ويتمثل في سير عملية الاقتراع لوجستياً وإدارياً.

وبعدما بدا أن انتخابات يوم الجمعة، مرّت بالحدّ الأدنى من المشكلات، يسود تَرقُّب ثقيل لِما إذا كان هذا المناخ سينسحب على جولة اليوم، باعتبار أنه سيتضح معها الخيْط الأبيض من الأسود حيال صحة الأصوات التي ارتفعت من قوى سياسية لبنانية عن عراقيل إدارية وتقنية ولا سيما في الولايات المتحدة وأستراليا، أفضت إلى تشتت ناخبين على مستوى توزيع عائلاتهم على صناديق الاقتراع في أكثر من ولاية ومدينة، الأمر الذي اعتُبر «متعمّداً» من وزارة الخارجية، كون الوزير عبدالله بوحبيب من فريق رئيس الجمهورية (التيار الحر حزبه)، وهو ما تُرجم بطلب حزب «القوات اللبنانية» طرْح الثقة به في جلسة لم يتوافر نصابها.وفي حين كانت عملية مراقبة انتخابات الجمعة تتم من غرفة العمليات في مقر الخارجية اللبنانية، فإن مخاوف لم تهدأ من تلاعُب بالصناديق وفق ما عبّر عدد من النواب المعارضين، خصوصاً قبل نقل هذه الصناديق إلى لبنان عبر الـ«DHL»، وهو ما حاول بوحبيب الطمأنة إلى أنه «تحت المعاينة» إذ «أقفلنا الصناديق بالشمع الأحمر وهناك (GPS) داخلها وإن كان هناك أي شائبة فهو قادر على كشفها».

ضغط مزدوج

وأياً يكن ما سيحمله اليوم الانتخابي في «أحد الـ 48 لبنان المنتشر» وخلاصات جولتيْ 6 و 8 مايو، فإن الأكيد أن «حصان» الاستحقاق النيابي خرج من الحظيرة ولم يعد ممكناً وقفه، وأن حماسة المغتربين يُنتظر أن ترفع من حمى الانتخابات محلياً والتي باتت وكأنها تخاض تحت ضغط مزدوج:

- خارجي دولي عبّر عنه خصوصاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بدعوته إلى إجراء انتخابات نيابية «حرة ونزيهة وشفافة وشاملة» في لبنان يوم 15 مايو، وحضّه على تشكيل سريع للحكومة بعد ذلك بما سيسمح بتنفيذ إصلاحات تعالج أزمات البلاد المتعددة.

- محلي ارتسم من خلف «سباق» داخلي على استنهاض الناخبين من الأحزاب والمجتمع المدني دخلت على خطه بقوة المرجعيات الدينية التي بلغ بعضها حدّ توجيه الناخبين على تصويت «مقفَل» في ما يشبه «التكليف الشرعي» على ما عبّر عنه اعتبار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «ان التصويت للثنائي الوطني (حزب الله وحركة أمل) وبقية حلفائه واجب وطني وديني وأخلاقي، والتردد بذلك حرام، واعتزال الانتخابات حرام، والورقة البيضاء حرام».

المسيحيون الأكثر إقبالاً... وقراءتان للمشاركة السنية

في عملية تقييم أولية لمفارقاتِ جولة انتخابات المغتربين، يظهر أن النسبة الأعلى من الإقبال على الانتخاب كانت بين المسيحيين الذين تسجلوا (نحو 70 في المئة)، في موازاة قراءتين لنسبة نحو 50 في المئة للمشاركة السنية (تتركّز أهميتها في الأقلام الرئيسية مثل بيروت الثانية وصيدا وطرابلس):- الأولى اعتبرتها متدنّية ولا تحاكي الأهمية المفصلية لانتخاباتٍ تأتي بعد ارتسامٍ كارثي لتداعياتِ انتقال لبنان شبه الكامل إلى المحور الإيراني على متنِ عملية قضْم ممنْهَج للتوازنات الداخلية بدأت باغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005 وصولاً لانتخاب الرئيس ميشال عون في 2016، ثم إمساك «حزب الله» والتيار الحر بمفاصل السلطة كلها في برلمان 2018، علماً أنه في مجمل هذا المسار كان المكوّن السني، بوصْفه عنصر التوازن في الواقع اللبناني بامتداده الإقليمي، عنوان «المعركة» وساحتها ولعلّ أبرزها أحداث 7 مايو 2008 (العملية العسكرية لحزب الله في بيروت وبعض الجبل).

- والقراءة الثانية رأت أن هذه المشاركة جاءت أكثر من المتوقَّع في ضوء الإرباكات الكبيرة على الساحة السنية التي لم تهدأ منذ إعلان الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري تعليق العمل السياسي والانكفاء عن الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً، وهو ما أوجد مناخاً من «النأي بالنفس» في الشارع بدا في الأيام الأخيرة وكأنه «على حدّ المقاطعة» التي احتوتْها دعوات متصاعدة ولا سيما من دار الفتوى التي حذرت بلسان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان من «خطورة الامتناع عن المشاركة في الانتخابات» باعتباره «وصفة سحرية لوصول الفاسدين السيئين إلى السلطة»، مع تشديده في المقابل على ضرورة «المشاركة الفعلية الكثيفة» في عملية الاقتراع «لاختيار الأصلح».

الأنظار على فرنسا وأميركا وكندا

| بيروت - «الراي» |

بلغ عدد المقترعين من المغتربين اللبنانيين في الدول العشر يوم الجمعة، 18225 من 30930 مسجَّلاً.

وجاءت أكبر نسبة اقتراع في سورية بـ 84 في المئة (من 1018 مسجلاً)، ثم طهران 74 في المئة (من 645 ناخبا)، قطر 66 في المئة ( من 7340 ناخبا)، والبحرين 66 في المئة (من 637 ناخبا) وعُمان 66 في المئة (من 901 ناخب)، ثم الكويت 65 في المئة (من 5788 ناخبا)، والأردن 60 في المئة (من 498 ناخبا)، والسعودية 49 في المئة (في الرياض وجدة حيث كان تَسَجَّل 13 ألفاً و239 ناخباً) وبغداد 48 في المئة (من 330 ناخباً) ومن ثم مصر 42 في المئة في القاهرة والإسكندرية 50 في المئة (من 708 ناخبين).

وكان مجمل عدد المغتربين الذين تسجلوا وصل إلى 225.114 ناخباً، بحسب الأرقام النهائية لمديرية الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية، من أصل 230.466 طلباً وردت إليها من البعثات الديبلوماسية في دول الخارج.

وقد انخفض عدد الناخبين بعد تنقيح الطلبات واستبعاد كلّ من لا تتوافر في طلباتهم الشروط القانونية اللازمة، علما أن عدد الناخبين الإجمالي النهائي للناخبين في لبنان بلغ 3.967.507.

وتتركّز الأنظار اليوم خصوصاً على ناخبي فرنسا (نحو 30 ألفاً) والولايات المتحدة (27236 ناخباً)، وكندا (27500) وأستراليا (20826)، وبريطانيا (6513).

صناديق الاغتراب «ودائع» في مصرف لبنان

| بيروت - «الراي» |

بعد قفل صناديق الاقتراع في دول الانتشار تباعاً عند العاشرة ليلاً، تُفتح لعدّ الأصوات ثم يجري تنظيم محاضر بالأرقام مذيّلة بتوقيع رؤساء الأقلام ومساعديهم قبل ختم الصناديق بالشمع الأحمر ونقلها إلى مطار بيروت عبر الـ«DHL» حيث يكون باستقبالها عضوان من لجنة تتألف من وزارتي الداخلية والخارجية.

وتودع الصناديق في مصرف لبنان إلى حين الانتهاء من الانتخابات في 15 مايو، ويومها يُرسل كل صندوق إلى الدائرة الخاصة به ويتم فتحه وفرزه مع بقية الأصوات. وينتخب المغتربون في مراكز الاقتراع التي سُجلوا فيها، وتنطبق عليهم الشروط نفسها للانتخابات بالداخل، التي تُجرى وفق القانون النسبي.

ويحق لكل مغترب في الخارج كما الداخل أن يصوّت لإحدى اللوائح المرشحة بالدائرة الانتخابية المسجل فيها (في مسقطه)، وله أن يعطي الصوت التفضيلي لأحد مرشحي اللائحة التي اختارها حصراً وضمن دائرته الصغرى (القضاء).

إرسال تعليق

أحدث أقدم
يرجى الدردشة مع فريقناسوف يرد المسؤول في غضون بضع دقائق
مرحبًا ، هل هناك أي شيء يمكننا مساعدتك به؟ ...
ابدأ الدردشة ...